جارٍ تحميل الأخبار العاجلة...
Responsive Advertisement

وزارة النفط.. فساد منظم وعبث إداري لتعطيل هيئة استكشاف وإنتاج النفط

خاص - صدى الواقع اليمني





في مشهد يعكس الفوضى العارمة التي تضرب مفاصل الدولة، تحولت وزارة النفط إلى ساحة عبث، يديرها الوزير سعيد الشماسي ووكيله طلال حيدرة بأساليب لا تمت للإدارة الرشيدة بصلة، بل تكرس نهجًا قائمًا على المحسوبية والاستحواذ على المال العام بطرق غير قانونية. 

فبدلًا من الارتقاء بأداء الوزارة وتعزيز الشفافية في القطاع النفطي، اتجه الشماسي وحيدرة إلى مخطط ممنهج لتعطيل عمل الهيئة العامة لاستكشاف وإنتاج النفط، في محاولة للسطو على رصيدها المالي تحت غطاء "حقوق الموظفين"، واستخدام أدوات فاسدة لتمرير خروقات قانونية تخدم مصالحهم الضيقة.

لم يعد الشماسي وحيدرة مجرد مسؤولين يديران قطاعًا حيويًا، بل أصبحا أشبه بمنظومة فساد متكاملة، توزع الأدوار بين أدواتها لضمان تحقيق أهدافها، في هذا السياق، تم الدفع بشخصيات فقدت مصداقيتها الوظيفية، لكنها باتت تلعب أدوارًا مفصلية في تنفيذ الأجندة المشبوهة.

وعلى رأسهم محمود هشيل المقطري، الذي انتهت ولايته في رئاسة النقابة العمالية منذ عامين، إلا أنه لا يزال يمارس دوره كواجهة لتحركات الوزارة، محاولًا تعطيل عمل الهيئة عبر تحريض الموظفين وإغلاق بوابتها، لتسهيل تمرير المخالفات القانونية التي تخدم مصالح الجهات الداعمة له.

هذا الرجل، الذي فشل إداريًا عندما تم تعيينه مديرًا عامًا تحت ضغط قيادة الوزارة، ثم أُقيل بسبب عجزه عن أداء مهامه، وجد في هذا المخطط فرصة للانتقام، متقمصًا دور المدافع عن حقوق العمال، بينما الهدف الحقيقي هو إعادة فتح قنوات الفساد التي أُغلقت أمامه، وضمان استمرارية التدفقات المالية غير المشروعة.

أي عملية فساد تحتاج إلى أدوات منفذة، وهنا يأتي دور أسامة هيثمي، الذي تحول فجأة من موظف إداري لا يميز بين التوقيع على شيك وكشف الحضور، إلى واجهة مالية جديدة بأمر مباشر من الوزارة، فقد تم الدفع به كبديل عن رئيس الهيئة في البنك المركزي، في خطوة تهدف إلى الاستحواذ على حسابات الهيئة، وكأن المسألة مجرد عملية تدوير للأدوار بغرض التحكم المطلق في الموارد المالية.

وفي سياق هذا العبث، قررت وزارة النفط إعادة إحياء ما يُسمى بـ"مكتب الهيئة في عدن"، رغم أنها نفسها ألغته رسميًا بقرار دمجه في الهيئة العامة لاستكشاف وإنتاج النفط. المفارقة أن هذا القرار لم يكن لأسباب إدارية أو تطويرية، بل فقط لأنه يخدم أجندة النهب، من خلال فتح قناة جديدة لسحب الإيرادات تحت غطاء إداري غير شرعي.

لا يخفى على أحد أن الفساد في وزارة النفط ليس ظاهرة جديدة، لكنه اليوم يأخذ أبعادًا أكثر خطورة، حيث يتم تمرير السرقات المالية تحت ستار "حقوق العمال"، الحقيقة الصادمة أن المبالغ التي يتم المطالبة بها ليست سوى مستحقات كان يتم نهبها على مدى سنوات، وتشمل أسماء وهمية لموظفين متوفين، وأخرى لمغتربين لم يعودوا إلى البلاد منذ فترة طويلة، إضافة إلى مستحقات موظفين متقاعدين، ومتعاقدين، وأسماء مزدوجة وظيفيًا.

في السابق، كانت هذه الأموال تُصرف بدم بارد، دون حسيب أو رقيب، لكن مع إغلاق هذه القنوات، ظهر هشيل المقطري ومن معه، وكأنهم "مدافعون عن الحقوق"، بينما في الحقيقة هم يسعون لاستعادة الامتيازات غير المشروعة التي فقدوها.

لم يكتفِ الشماسي وحيدرة بتسهيل سرقات الماضي، بل انتقلا إلى مرحلة أكثر جرأة عبر محاولات مباشرة للاستيلاء على رصيد الهيئة في البنك المركزي، عبر سلسلة من الإجراءات غير القانونية، يسعون إلى تغيير التوقيعات الرسمية والتحكم في الحسابات المالية، دون أي احترام للأعراف المالية والإدارية. الغريب في الأمر أنهم لا يخفون نواياهم، بل يتعاملون وكأن الدولة تحولت إلى غنيمة تُقسم بينهم وفقًا لنفوذهم داخل الوزارة.

أما وزارة المالية، التي يُفترض أن تكون الرقيب على هذه التجاوزات، فتبدو وكأنها "مشاهد سلبي" في هذه المسرحية الرديئة، تتلقى المذكرات، تتابع الطلبات، ثم تحفظها في الأدراج، دون أي تدخل لحماية المال العام. يبدو أن إدارة الأموال العامة في البنك المركزي لم تعد تخضع للقوانين، بل أصبحت مسرحًا لصراع المصالح بين الفاسدين.

يبقى السؤال الأهم: إلى متى ستظل الحسابات البنكية للوحدات التابعة لوزارة النفط رهينة لنزوات الشماسي وحيدرة ومن يستخدمونهم كأدوات قذرة لتمرير النهب؟ متى يدرك هؤلاء أن المناصب ليست غنيمة شخصية، بل مسؤولية وطنية تتطلب النزاهة والشفافية؟. 

إن ما يحدث في وزارة النفط ليس مجرد فساد إداري عابر، بل هو نموذج صارخ لانهيار مؤسسات الدولة، حيث يتم تقاسم الثروات وفق منطق العصابات، فيما يتم تغييب القانون وتحويل المؤسسات إلى أدوات لخدمة الفاسدين.

لقد تحولت وزارة النفط، التي يُفترض أن تكون القلب النابض للاقتصاد الوطني، إلى مركز للفوضى والمحاصصة، حيث تُمنح المناصب بناءً على الولاء، لا على الكفاءة، وحيث تُدار الأموال العامة وكأنها ملكية خاصة، في مشهد ينذر بعواقب وخيمة على مستقبل هذا القطاع الحيوي.

لكن كما هو الحال مع كل الأنظمة الفاسدة، فإن هذا العبث لن يستمر إلى الأبد، فالتاريخ أثبت أن سرقة المال العام قد تكون الطريق الأسرع لسقوط الفاسدين، مهما توهموا أن السلطة تحميهم من الحساب !.

Post a Comment

أحدث أقدم