جارٍ تحميل الأخبار العاجلة...
Responsive Advertisement

الحوثي.. السرطان الذي ينهش اليمن

صدى الواقع اليمني - كتب: يوسف اليامي


الحوثي ليس مجرد جماعة مسلحة ولا مجرد تنظيم عقائدي متطرف ولا حتى مجرد قوة أمر واقع فرضت نفسها بالسلاح الحوثي فكرة مشوهة خرجت من كهوف التاريخ واستقرت في حاضر اليمن ككارثة حلت بكل بيت وكل شارع وكل مدينة الحوثي ليس مجرد بندقية ولا مجرد صاروخ ولا مجرد عبوة ناسفة الحوثي وباء تسلل إلى جسد اليمن ففتك به دون رحمة سرطان تمدد في عروقه فامتص الحياة منه شيئًا فشيئًا حتى أصبح اليمن ذلك الجسد النحيل المتهالك الذي لا يقوى على الوقوف ولا يقدر على الصراخ الحوثي قنبلة موقوتة زرعت في قلب الأمة فانفجرت فدمرت كل شيء ولم تترك خلفها سوى الحطام الحوثي لعنة أصابت البلاد فجعلت الموت عادة والخوف أسلوب حياة والبؤس قدرًا لا مفر منه

الحوثي لا يحارب اليمن بالسلاح وحده بل يحاربه بالفكر يحاربه بالجهل بالخطاب المسموم بالأكاذيب التي تردد كالأناشيد بالأوهام التي تباع للشعب كحقائق مقدسة الحوثي لا يحتاج إلى جيش جرار ليحتل المدن يكفيه أن يغرس في العقول فكرة أنه الحاكم بأمر الله وأنه ظل السماء على الأرض وأن كل من يعارضه كافر ومرتزق وخائن عندها يصبح الناس عبيدًا له دون أن يدركوا يصبحون أدوات طيعة ينفذون أوامره ويموتون لأجله ويقتلون باسمه دون أن يسألوا لماذا أو من أجل ماذا الحوثي لا يحتاج إلى سلاح نووي ليبيد اليمنيين فهو يقتلهم بأبسط الأسلحة يقتلهم بقطع رواتبهم بتجويعهم بفرض الضرائب على فقرهم بمصادرة ممتلكاتهم بذلهم وقهرهم وتركيعهم حتى ينسوا أنهم بشر لهم كرامة وحقوق وحياة

الحوثي لا يحتاج إلى أن يهدم اليمن بيده فهو يجعل اليمنيين يهدمون وطنهم بأيديهم يجند الأطفال فيحولهم إلى جنود يسرق عقولهم الصغيرة قبل أن يسرق طفولتهم يعلمهم أن القتل بطولة وأن الموت في سبيله مجد وأن الطاعة العمياء فضيلة فيكبرون ليصبحوا قنابل موقوتة تمشي على الأرض الحوثي لا يحتاج إلى أن يقصف المدارس فهو يجعلها مراكز لغسيل الأدمغة يحولها إلى مصانع لإنتاج أتباع مبرمجين على الطاعة العمياء يجعل من المعلم مجرد بوق يردد شعاراته ويجعل من الكتاب المدرسي منشورًا حزبيًا ويجعل من الطابور الصباحي قسمًا بالولاء له وحده

الحوثي لا يحتاج إلى أن يسجن كل من يعارضه فهو يجعل من اليمن كله سجنًا كبيرًا يجعل من كل شارع حاجز تفتيش يجعل من كل منزل ساحة مراقبة يجعل من كل إنسان هدفًا محتملاً للقمع والترهيب يجعل الجميع خائفين حتى من الهمس حتى من التفكير حتى من مجرد النظر في عيون بعضهم البعض فلا أحد يعرف متى يكون التالي في قائمة المختطفين أو المغيبين أو المقتولين الحوثي لا يحتاج إلى محاكمات ولا إلى قوانين ولا إلى إجراءات فهو القاضي والجلاد وهو القانون والدستور وهو الدولة والمليشيا في آن واحد

الحوثي لا يحتاج إلى أن يقصف المدن بالصواريخ فهو يجعلها تموت ببطء يجعل شوارعها مقابر للذكريات يجعل منازلها أطلالًا بلا حياة يجعل الناس فيها غرباء حتى عن أنفسهم يمنع الفرح يحرم الأمل يخنق الأحلام يجعل كل شيء رماديًا كئيبًا بلا لون بلا معنى بلا مستقبل الحوثي لا يحتاج إلى أن يفرض نفسه بالقوة المطلقة فهو يزرع اليأس حتى يستسلم الناس لوجوده حتى يقتنعوا أن لا مفر منه حتى يتعودوا عليه كما يتعود الإنسان على الألم المزمن الذي لا علاج له

الحوثي لا يحتاج إلى أن يعلن نهاية اليمن فهو يجعل نهايته عملية بطيئة مستمرة يجعل من كل يوم يمر صفحة جديدة من التراجع والانهيار يجعل من كل لحظة تمضي خطوة أخرى نحو القاع يجعل من اليمن نموذجًا لمأساة بلا خاتمة لجحيم بلا نهاية يجعل من الماضي مجرد ذكرى ومن الحاضر كابوسًا ومن المستقبل مجهولًا مرعبًا الحوثي لا يحتاج إلى أن يفوز بالحرب فهو يجعل اليمن يخسر كل شيء يخسر أبناءه يخسر اقتصاده يخسر ثقافته يخسر تاريخه يخسر حتى هويته فلا يبقى منه سوى اسم على خارطة مهددة بالاندثار

الحوثي لا يحكم اليمن بل يستهلكه ينهشه يلتهمه بلا توقف يجعل من البلد بقرة حلوبًا لحروبه لمشاريعه لفساده يجمع الثروات ويكدس الأموال ويفرض الإتاوات ويسرق المساعدات بينما يموت الناس جوعًا لا يجدون دواءً ولا يجدون عملًا ولا يجدون حتى ما يسد رمقهم فيعيشون في انتظار الموت البطيء الحوثي لا يبني شيئًا لا يطور شيئًا لا يقدم شيئًا سوى المزيد من الحروب والمزيد من الكوارث والمزيد من الفوضى الحوثي لا يملك رؤية لا يملك مشروعًا لا يملك مستقبلًا فهو لا يعيش إلا على الخراب ولا يتغذى إلا على الأزمات ولا ينمو إلا وسط الفوضى فهو يعرف جيدًا أن أي استقرار سيكون نهايته وأي سلام سيكون موته النهائي

الحوثي ليس مجرد خطر مؤقت سينتهي بمرور الزمن الحوثي مرض عضال يحتاج إلى علاج جذري يحتاج إلى استئصال كامل يحتاج إلى مقاومة لا تتوقف الحوثي ليس مجرد فصل عابر في تاريخ اليمن بل هو أسوأ ما واجهته البلاد منذ عقود إن لم يكن منذ قرون الحوثي ليس مجرد قوة احتلال يمكن التفاوض معها أو التوصل معها إلى تسوية بل هو وحش لا يشبع من الدماء لا يرتوي من الدمار لا يهدأ إلا بعد أن يبتلع كل شيء الحوثي لا يقبل بالشراكة لا يعترف بالتعدد لا يؤمن بالحوار فهو يؤمن فقط بلغة واحدة هي لغة القوة والإخضاع والسيطرة المطلقة الحوثي لا يرى في اليمنيين شعبًا بل يرى فيهم رعية يجب أن تنحني أمامه وعبيدًا يجب أن تخضع له

الحوثي هو الكارثة التي حلت باليمن هو اللعنة التي أصابت هذا البلد المسكين هو الكابوس الذي لا ينتهي هو السكين التي تغرس في الجسد ولا ترفع هو السوط الذي يجلد ظهر هذا الوطن حتى ينكسر أو يموت الحوثي هو كل شيء سيئ يمكن أن يحدث لأمة وكل مصيبة يمكن أن تصيب شعبًا وكل لعنة يمكن أن تدمر وطنًا الحوثي هو النهاية لكل شيء جميل والبداية لكل شيء قبيح الحوثي هو السلاح النووي الذي انفجر في اليمن لكنه لم يحرقه دفعة واحدة بل جعله يحترق ببطء يحترق كل يوم يحترق كل لحظة يحترق بلا صوت وبلا نهاية.

Post a Comment

أحدث أقدم