صدى الواقع اليمني - كتب: يوسف اليامي
كان يُسمّى "اليمن السعيد"، لكنه الآن لا يعرف سوى البؤس. لم يعد سعيدًا، لم يعد حتى حيًا بالمعنى الحقيقي. اليمن ليس دولة، ليس وطنًا، إنه مقبرة مفتوحة، حفرة عميقة تُلقي فيها الحرب بأشلاء أبنائها، ويُدفن فيها الحلم قبل أن يولد.
لا شيء في اليمن يشير إلى الحياة. الموت هناك ليس حدثًا طارئًا، بل نظامٌ يومي، جدولٌ زمني، عادة. يموت الناس جوعًا، قصفًا، مرضًا، أو فقط لأنهم وُلدوا في المكان الخطأ. الأطفال لا يكبرون، إما يُقتلون قبل أن يتعلموا النطق، أو يكبرون ليصبحوا أدوات حرب، وقودًا يشتعل في معارك لا يعرفون لماذا بدأت، ولا متى ستنتهي.
اليمن ليس مجرد حرب، إنه مزاد علني لبيع الأوهام. كل طرف يدّعي أنه يقاتل من أجل الشعب، بينما الشعب يُسحق تحت أقدامهم. الميليشيات تقتل باسمه، الحكومات تسرق باسمه، التحالفات تتآمر باسمه، والعالم كله يراقب بصمت، كأن اليمني ليس إنسانًا، كأن موته لا يعني شيئًا.
هل سيعود اليمن سعيدًا؟ لا، لن يعود. السعادة لا تُولد في أرضٍ صارت مدفونة تحت الأنقاض، والأمل لا يعيش في عيونٍ امتلأت بالدموع حتى جفّت. من يتحدث عن السلام في اليمن إما واهمٌ أو كاذب. الحرب ليست مجرد صراع على السلطة، بل تحوّلت إلى تجارة، إلى استثمار طويل الأمد. كل رصاصة تُطلق هي صفقة، كل جثة تسقط هي رقم في حسابات أمراء الحرب.
سيزداد الوضع سوءًا، ليس لأن القدر اختار ذلك، بل لأن البشر اختاروا ذلك. لأن العالم قرر أن اليمن ليس أكثر من حقل تجارب، مختبر للفوضى، مساحة مفتوحة للقتل المجاني. سيموت المزيد، ستسقط مدنٌ أخرى، ستُمحى قرى عن الخريطة، ولن يتغير شيء.
اليمن ليس قصة لها نهاية سعيدة. إنه ليلٌ أبدي، جحيمٌ بلا أبواب خروج.
إرسال تعليق