صدى الواقع اليمني - تقرير: حسين الشدادي
في ظل حرب طاحنة واقتصاد منهار، تواجه الحوامل في اليمن كابوساً يومياً يهدد حياتهن وحياة أطفالهن.
وفقاً لصندوق الأمم المتحدة للسكان، تُسجل اليمن أعلى معدلات وفيات الأمهات في المنطقة العربية، حيث تصل إلى 293 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة حية، وسط تحذيرات أممية من كارثة إنسانية قد تتفاقم مع تراجع الدعم الدولي.
الحمل في زمن الحرب
تشير بيانات وزارة الصحة اليمنية إلى أن 5.5 مليون امرأة في سن الإنجاب يعانين من صعوبات كارثية في الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية، بينما يعاني 2.7 مليون منهن من سوء التغذية الحاد.
وتُعتبر المناطق النازحة الأكثر تضرراً، حيث تختفي أبسط مقومات الرعاية الصحية، ولا تقدم سوى 20% من المرافق الطبية خدمات الأمومة والطفولة.
الوعي المفقود والولادات القاتلة
رغم توفر مستشفيات مجانية، تفضّل العديد من النساء الولادة في المنازل بسبب نقص الوعي أو الثقة بالخدمات الصحية، كما يرفضن إجراءات طبية منقذة مثل العمليات القيصرية أو المتابعة الدورية.
تقول إحدى القابلات في صنعاء لـ"للعلم": "تعاني النساء من فقر دم حاد، لكنّ الخوف من المستشفيات أو عدم القدرة على الوصول إليها يدفعهن لخيارات مجهولة المصير".
الأرقام تكشف عن مأساة عميقة
34% من الحوامل مصابات بفقر الدم، و12% يعانين من سوء التغذية الحاد.
ولا تحصل سوى 65% منهن على رعاية الحمل في الزيارة الأولى، بينما تنخفض النسبة إلى 26% في الزيارة الرابعة، مما يزيد من مخاطر المضاعفات غير المُشخَّصة.
النظام الصحي: جثة في غرفة الطوارئ
يرجع الخبراء أسباب الأزمة إلى ثلاث كوارث متشابكة تدمير البنية التحتية الصحية بسبب الحرب، ارتفاع معدل الخصوبة (5.4 أطفال لكل امرأة)، وانهيار التمويل الإنساني.
وتحذر الأمم المتحدة من أن تقليص الدعم سيدفع مليوني امرأة وفتاة إلى خطر الموت بسبب نقص الخدمات الأساسية.
كيف نوقف النزيف؟
إن إنقاذ حياة أمهات اليمن يتطلب خطوات عملية عاجلة يجب على المجتمع الدولي الوفاء بتعهداته الإنسانية، مع توجيه جزء من الدعم لبرامج التغذية ورعاية الحوامل.
إلى ذلك فإن إحياء النظام الصحي عبر إعادة تأهيل المرافق الطبية في المناطق النائية، وتدريب الكوادر الصحية على إدارة حالات الولادة الطارئة.
كما يمكن القيام بحملات توعية مجتمعية بالشراكة مع القيادات المحلية والمؤسسات الدينية لتشجيع الولادة الآمنة في المستشفيات، ومكافحة الخرافات الصحية.
وإيجاد شبكة أمان غذائي من خلال توزيع حصص غذائية مدعمة بالفيتامينات للحوامل، وربط الدعم الغذائي بالفحوصات الطبية الدورية.
فاليمن لا يحتاج إلى تعاطف العالم، بل إلى خطوات جريئة تُترجم الكلمات إلى أسرّة مستشفيات وأدوية ووعي، فكل يوم تأخير هو حكم إعدام لأمهات لا ذنب لهن سوى الحمل في زمن الحرب.
إرسال تعليق