جارٍ تحميل الأخبار العاجلة...
Responsive Advertisement

تعز تحت النار: قناصة الحوثي تحصد أرواح الأبرياء بصمت

صدى الواقع اليمني: خاص

تعز تحت النار: قناصة الحوثي تحصد أرواح الأبرياء بصمت
صورة تعبيرية


في مدينة تعز، التي تعاني منذ سنوات من ويلات الحرب، لا تزال حياة المدنيين تحت تهديد مباشر من مليشيات الحوثي، رغم الهدنة غير المعلنة التي بدأت في أبريل 2022، أمس الأحد، فقد مواطن آخر حياته برصاص قناص حوثي، ليضاف اسمه إلى قائمة طويلة من الضحايا الذين سقطوا في هذه المدينة التي تحولت إلى ساحة حرب مفتوحة.



 استهداف المدنيين: جريمة متكررة


وفقًا لبيان صادر عن الإعلام الأمني التابع لوزارة الداخلية اليمنية، استشهد المواطن يونس عبد سيف الشمسي (40 عامًا) بعد أن أصابته رصاصة قناص حوثي في الكتف الأيسر، كان القناص يتمركز في تبة الصبري، وهي منطقة مرتفعة تطل على شارع الأربعين شمال المدينة.

 هذه الحادثة ليست الأولى من نوعها، بل هي جزء من سلسلة انتهاكات مستمرة ترتكبها مليشيات الحوثي ضد المدنيين في تعز.

منذ بداية الهدنة، التي كان يُأمل منها أن تكون بداية لنهاية المعاناة الإنسانية في اليمن، استمرت مليشيات الحوثي في ارتكاب جرائم ضد المدنيين. 

وفقًا لتقرير صادر عن مركز تعز الحقوقي، تم توثيق 204 انتهاكات لحقوق الإنسان من قبل المليشيات خلال الفترة بين 2 أبريل و31 مايو 2022. 

وشملت هذه الانتهاكات مقتل 5 مدنيين، بينهم طفلان وامرأتان، وإصابة 29 آخرين، بينهم 3 أطفال و6 نساء. 

وتوزعت أسباب هذه الإصابات بين القصف المدفعي، وعمليات القنص، وزراعة الألغام.



تقارير حقوقية تكشف فظائع الهدنة


منظمة "سام" للحقوق والحريات، التي تعنى برصد انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، أصدرت تقريرًا بعنوان "الهدنة الهشة"، كشفت فيه عن 80 انتهاكًا لحقوق الإنسان ارتكبتها مليشيات الحوثي في تعز منذ بدء سريان الهدنة في 2 أبريل 2022.

 تضمن التقرير مقتل 15 مدنيًا، بينهم 7 أطفال وامرأة، وإصابة 69 آخرين، بينهم 28 طفلًا و8 نساء. 

وأشار التقرير إلى أن معظم الضحايا سقطوا جراء عمليات القنص التي نفذها مسلحو المليشيات ضد المدنيين في مدينة تعز.

هذه الأرقام ليست مجرد إحصاءات، بل هي قصص حقيقية لأشخاص فقدوا حياتهم أو أصيبوا بجروح خطيرة بسبب العنف المستمر.

 الأطفال الذين كانوا يلعبون في الشوارع، والنساء اللواتي كن يحاولن تأمين الغذاء لعائلاتهن، والرجال الذين كانوا يعملون لتوفير لقمة العيش لأسرهم، جميعهم تحولوا إلى أهداف سهلة لقناصة الحوثي.


 تعز: ساحة حرب مفتوحة


تعز، التي تُعتبر واحدة من أكثر المدن اليمنية تأثرًا بالصراع، تشهد حربًا مفتوحة بين مليشيات الحوثي والقوات الحكومية. 

رغم الهدنة، لم تتوقف المليشيات عن تعزيز مواقعها العسكرية وحفر الخنادق حول المدينة. 

العقيد عبدالباسط البحر، نائب رئيس شعبة التوجيه المعنوي في محور تعز، كشف في أكتوبر 2024 أن مليشيات الحوثي تواصل حشد تعزيزات جديدة، واستحداثات هندسية، وحفر خنادق في محيط المدينة.

وأشار العقيد البحر إلى أن المليشيات نفذت خلال فترة قصيرة 7 محاولات تسلل إلى مواقع الجيش في محيط المدينة وريف المحافظة الغربي، بالإضافة إلى قصف مدفعي شمالي المدينة واشتباكات في جبهة العنين بأطراف جبل حبشي غربي تعز. 

هذه التحركات العسكرية تشير إلى أن المليشيات لا تزال تتبنى استراتيجية عدوانية، رغم الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار.



الهدنة الهشة: بين الأمل والخيبة


عندما أُعلن عن الهدنة غير المعلنة في أبريل 2022، كان هناك أمل بأن تكون بداية لنهاية الصراع الذي دمر اليمن وأودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين. 

لكن الواقع على الأرض كان مختلفًا، ف الهدنة، التي كان يُفترض أن تكون فرصة لتهدئة الأوضاع وإطلاق عملية تفاوضية، تحولت إلى غطاء لاستمرار العنف وانتهاكات حقوق الإنسان.

التقارير الحقوقية التي صدرت خلال فترة الهدنة تكشف صورة قاتمة عن الوضع في تعز. 

والمدنيون، الذين كانوا يأملون في أن تمنحهم الهدنة بعض الراحة من ويلات الحرب، وجدوا أنفسهم أكثر عرضة للخطر. 

إن عمليات القنص، والقصف المدفعي، وزراعة الألغام أصبحت جزءًا من حياتهم اليومية.



 الدعوات الدولية: بين الإدانة والعجز

في ظل استمرار الانتهاكات، تصاعدت الدعوات الدولية والإقليمية لخفض التصعيد والدخول في عملية تفاوضية لإنهاء الصراع.

 الأمم المتحدة، التي لعبت دورًا رئيسيًا في الوساطة بين الأطراف المتحاربة، أعربت مرارًا وتكراراً عن قلقها إزاء استمرار العنف في اليمن.

 لكن هذه الدعوات لم تترجم إلى إجراءات فعلية تضع حدًا لمعاناة المدنيين.

منظمات حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة "سام" ومركز تعز الحقوقي، طالبت المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف انتهاكات الحوثي وحماية المدنيين. 

لكن الواقع يشير إلى أن الجهود الدولية تبقى محدودة في مواجهة استمرار العنف وانعدام الإرادة السياسية لدى الأطراف المتحاربة.


 مستقبل غامض

في ظل هذه الظروف، يبقى مستقبل تعز، واليمن ككل، غامضًا، ف المدنيون، الذين تحملوا ويلات الحرب لسنوات، لا يزالون يعيشون في خوف دائم من أن تكون حياتهم هي التالية التي تُزهق برصاص قناص أو قذيفة مدفعية، ف الهدنة، التي كان يُفترض أن تكون بداية لنهاية المعاناة، تحولت إلى مجرد كلمة فارغة من أي مضمون.

ما يحتاجه اليمن اليوم هو إرادة سياسية حقيقية من جميع الأطراف لوقف العنف والدخول في عملية تفاوضية جادة، ف المدنيون، الذين دفعوا الثمن الأكبر لهذا الصراع، يستحقون أن يعيشوا في سلام وأمان. 

لكن تحقيق هذا الهدف يبقى بعيد المنال في ظل استمرار انتهاكات حقوق الإنسان وغياب الإرادة الدولية للتحرك الفعّال.

تعز، المدينة التي كانت تُعرف بجمالها وثقافتها الغنية، تحولت إلى رمز للمعاناة الإنسانية في اليمن، كثيرة هي قصص الضحايا، مثل يونس عبد سيف الشمسي، تذكرنا بالثمن الباهظ الذي يدفعه المدنيون في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل، في الأثناء يستمر العنف وانتهاكات حقوق الإنسان، ويبقى الأمل في إنهاء هذه المعاناة بعيد المنال.

Post a Comment

أحدث أقدم