جارٍ تحميل الأخبار العاجلة...
Responsive Advertisement

ابن علوان بين الجماعي والحولية

صدى الواقع - كتب : محمد محمد السفياني


الشيخ أحمد بن علوان شيخ مشايخ الطرق الصوفية في العالم الإسلامي. فهو العالم العارف بالله، الجامع بين شيوخ الطرق الصوفية وهو الجامع بين علماء النقل والعقل. كان من أشهر وأبلغ الشعراء نظمًا ونثرًا، وكان ثائرًا، آمرًا بالمعروف ناهيا عن المنكر، وسياسيًا تقيًا ورعًا. لذا، فإن الشيخ أحمد بن علوان هو مؤسس المدرسة الصوفية الحديثة الذي ألجم شيوخ الصوفية بالتكلم عن علم الخواص إلى عوام الناس. لم يؤسس الشيخ أحمد بن علوان لطريقة بقدر ما هذب وقنن علم التصوف.

لقد كان طيب الله ثراه هو العالم الذي أنقذ التصوف والصوفية من هجمات الاتهام لهم بالزندقة والكفر والتي أودت بقتل الحسين بن منصور الحلاج. ولهذا فإن الشيخ أحمد بن علوان وعبدالحق بن سبعين ومحي الدين بن عربي وعبد القادر الجيلاني استطاعوا إنقاذ علم التصوف وطرق تعبده من الهجمات التطرفية الشيعية والسنية التي تعرضت لها جماعات الطرق الصوفية. بل إن الشيخ أحمد بن علوان استطاع أن يوفق بين علماء النقل وعلماء العقل، وبهذا كان محل إجماع، فهو الشاعر الزاهد والشاعر السياسي برسالته إلى الملك عمر الرسولي وكذا ثورته في قوله:

نحن المقيمون لمن شئنا ولايته  
ومن تولى ولم نرض به عزل

فمن يقول إن هذا جماعي فقد صدق، باعتبار أن الصوفيين هم أهل الذكر الجماعي والذكر العلني، وهذا لا تناكر عليه.

الحولية: فهي كانت من قبل الإسلام، وكان زعيمها الشاعر زهير بن أبي سلمى لأنه كان يكتب قصيدته الحولية خلال حول كامل. وكان أصحاب الحولية هم ثلاثة: زهير وامرؤ القيس والنابغة. وقد كان يخرج العرب مع كل حولية ويذهبون بشكل جماعي، كل مع الحولية أو القصيدة التي يؤيد بلاغتها وحكمتها. ومع أن كل شيوخ الطرق الصوفية يجيدون الشعر وعلوم الأدب، فإن حولياتهم تكون بزيارة الشيخ الأكبر للصوفية ويلقون فيها الخطابة والقصائد المعبرة عن حال الناس والواقع الذي يعيشونه. أما الجماعي، فيكون مسيرات جماعية للدعاء والاستسقاء وطلب البركات وغيره.

من كتاب الحوليات:
- تاريخ خليفة بن خياط
- تاريخ الأمم والملوك للطبري
- البداية والنهاية لابن كثير
- تاريخ الإسلام للذهبي
- تجارب الأمم لمسكويه

وهؤلاء من علماء النقل على منهج ابن تيمية. بل إن ما كتبه ابن قيم الجوزية، وهو تلميذ ابن تيمية، في كتابه "مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين"، هو فكر تصوفي قصد منه إحداث مقاربة بين أهل النقل وأهل العقل.

وبهذا تصبح الحولية أو الجماعي العلواني هو موروث تاريخي أصيل ليفرس وتعز واليمن، وكان فيه تذاع أفضل القصائد وأبلغ الخطابة وليس لمجرد المسمى. فقد قال الشيخ الجليل:

فإن عثرت على كتب مزيفة  
فقل كتاب الرحمن يغنيني

هذا توضيح للأصدقاء الذين طلبوا مني أن أكتب عن الحولية والجماعي. فهل من مدكر؟

Post a Comment

أحدث أقدم