جارٍ تحميل الأخبار العاجلة...
Responsive Advertisement

الصوفية في اليمن: بين استهداف الجهلاء وسوء الفهم المجتمعي

صدى الواقع - كتب : حسين الشدادي






تشهد الطائفة الصوفية في اليمن محاولات مستمرة لتشويه صورتها وإثارة الجدل حول طقوسها الروحية والرموز المرتبطة بها.

 مثالٌ على ذلك هو الحادثة الأخيرة التي شهدتها منطقة يفرس بمحافظة تعز خلال حولية الإمام صفي الدين الشيخ أحمد بن علوان، قدّس الله سرّه.

 رفعت خلالها الرايات الخضراء والحمراء، في دلالة صوفية عريقة، إلا أن الجهل بالرموز والتاريخ قاد البعض إلى ربطها بحركة الحوثيين، ما أثار موجة من الانتقادات المغلوطة والاتهامات الباطلة.

الصوفية والتراث الروحي العريق

الصوفية ليست مجرد طريقة تعبدية، بل هي جزء أصيل من التراث الديني والروحي في اليمن. 

تعتمد الطرق الصوفية، مثل القادرية والنقشبندية، على الذكر الجماعي، والمدائح النبوية، والعبادات الشخصية التي تهدف إلى تهذيب النفس والروح وتعزيز القيم الأخلاقية كالرحمة والتسامح والمحبة.

الرايات التي رفعت خلال الحولية كانت جزءًا من هذه الطقوس التراثية، فالراية الخضراء ترمز إلى الطريقة القادرية التي أسسها الشيخ عبد القادر الجيلاني، بينما تشير الراية الحمراء إلى الطريقة النقشبندية التي تنسب إلى الشيخ بهاء الدين النقشبندي.

 هاتان الطريقتان لا تحملان أي بُعد سياسي أو طائفي، بل تمثلان طريقًا روحيًا يهدف إلى القرب من الله بعيدًا عن صراعات الدنيا.

محاولات التشويه والربط السياسي

في السنوات الأخيرة، ظهرت محاولات متعمدة أو ناتجة عن جهل مجتمعي لربط الرموز الصوفية بحركات سياسية مثل الحوثيين.

 هذه الاتهامات لا تستند إلى أي أدلة، بل تتجاهل التاريخ الطويل للصوفية في اليمن، حيث كانت على الدوام مصدرًا للسلام والاستقرار، وليست طرفًا في أي نزاعات سياسية أو مذهبية.

الحوثيون، الذين يُعرفون بأنهم جماعة سياسية تدّعي الانتماء إلى المذهب الزيدي الشيعي، يمثلون مشروعًا سياسيًا وعسكريًا له أجنداته الخاصة، التي تختلف تمامًا عن القيم الروحية للصوفية.

 تاريخيًا، تنتمي الصوفية إلى أهل السنة والجماعة، وتحرص على الابتعاد عن التحزب والطائفية، وهو ما يجعل الربط بينها وبين الحوثيين ضربًا من الخيال.

الصوفية ومساهمتها في المجتمع

لا يمكن إنكار الأثر الإيجابي للصوفية على المجتمع اليمني.

 فالصوفيون يسعون دائمًا إلى نشر المحبة والتسامح بين أفراد المجتمع، ويؤمنون بأن العبادة الصادقة والذكر الجماعي هما السبيل لتحقيق السلام الداخلي. 

طقوسهم ليست خرافات أو شعوذة كما يدّعي البعض، بل هي إرث روحي يعزز القيم الإنسانية ويُذكّر بأهمية الأخلاق في الحياة اليومية.

الاستهداف القانوني والمجتمعي

دعوات بعض الأطراف لمنع الطقوس الصوفية بحجة أنها تهدد الأمن أو السكينة العامة تفتقر إلى أي أساس قانوني.

 الطقوس التي تمارسها الطائفة الصوفية لا تشكل أي تهديد للمجتمع أو الأفراد، بل تسعى إلى تعزيز السلام الداخلي والخارجي.

دعوة للتعايش وفهم الآخر

إن استهداف الطائفة الصوفية في اليمن يعكس أزمة مجتمعية تحتاج إلى مواجهة جذرية. 

ينبغي على المجتمع اليمني أن يعيد تقييم موقفه من هذه الطائفة، التي تمثل جزءًا لا يتجزأ من الهوية الدينية والثقافية للبلاد. 

من الضروري نشر الوعي حول تاريخ الصوفية ومبادئها الروحية، والعمل على تفكيك الصورة النمطية الخاطئة التي تُربط بها.

الصوفية ليست عدوًا، بل هي صوت سلام في وطن يعاني من ويلات الحرب والانقسام. 

وإنصافها ودعمها هو جزء من مسؤولية كل فرد يؤمن بالتعايش والتسامح في اليمن.


Post a Comment

أحدث أقدم