صدى الواقع اليمني - كتب: سهيل المساح

لحظة غيابك يا مساح كانت هي اللحظة الوحيدة التي لم نكُن ننتظرها منك ولك.. ورغم ذلك هاهي تعود بكل بجاحة لتشعل في أرواحنا المرارة مرة أخرى..
كذبة أبريل طالت يامساح..ولا نزال نترقب أن يثقب صوتك رتابة الزمن اليتيم بلا لحظات..
سنة مرت ولا نزال لم نستوعب حقاً أنك تركت العائلة و الأصحاب و الحقل والماشية وذهبت..
كُنت حاضر أكثر مما ينبغي،وكل مافيك كان قوي وطاغي، لم يُوشي أبدا بأنك قد تستسلم للغياب هكذا..
تشتاق لك..
الكتب التي تمتمت لها صباح مساء فوق سريرك و تحت الأشجار..
شريط قنوات الأخبار..
حُقول "الكدرة"..
أغنامك وعصاك..
سقف البيت..
مُسجلتك و موسيقى "ياني"..
كوب القهوة بعد الأكل..
قلم الحبر و الأوراق البيضاء عند تجلي اللحظة..
تفاصيل رُغم تفردها الا أنك لم تنسى يوماً أن تندُب حظ الوطن المسلوب ..
............
بعد سنة من الغياب يا أبي لا شيء تغير لاتزال "البلاد على كفِ عفريت" ، و رجال الوطن يا مساح مثلك رحلوا أغلبهم من غُلب..
حتى في الحرب الشجعان يموتوا من غُلب.. تقتلهم من بُعد آلات الجبناء..
ربما يا أبي لو كنت من مواليد هذا العصر لا عصر الثوار الأحرار .. لتعلمت تخطي أوجاع الأمة و الوطن المنسي بتمرير الأصبع في شاشة جوال..تضغط(أحزنني)..بدلاً من أن يشحب وجهك و ينعقد الحاجب و تعبر عن غضبك طول اليوم وتشتم (عيال الكلب)..
ربما ياأبي كان عليك الهرب من "المعلامة" في صغرك لتعيش طويلاً كراعي لا يهتم بغير قطيع..
هل كان عليك لتقرأ تاريخ الأمس و تلامس بؤس الحاضر وتحمل هم المستقبل..
لماذا أخترت الدرب الأصعب بدلاً من أن تركب تيار السلطة و المال؟!
....
لم أعرف عنك غير قليل ياأبي ،لكنهُ يكفي لأجزم أن الخليط المجنون الذي شكل شخصك كان فريداً حقاً ..فوق العادة ..عَصيٌ أنت على النسيان.. ومن يعرف ذاك المساح يُدركُ ما أعني..
...........
رحمة الله تغشى روحك الطاهرة يامساح و روح كل النبلاء ممن زينت جثامينهم صدر هذه الوطن كنياشين رفيعة تبعث العزه و الفخر.
إرسال تعليق