صدى الواقع اليمني - كتب: مالك دبوان الشرعبي
منذ ألف عام، وضع كاتب شرك حروفه، فما بالنا اليوم نسقط فيه أسرى؟ ألف عام تفصلنا عن ذلك الزمان ألف عام من التغيرات والتحولات ألف عام من التقدم العلمي والتكنولوجي ومع ذلك، ما زالت كلمات ذلك الكاتب قادرة على أن تخترق قلوبنا وعقولنا، وأن تأسر أرواحنا في عوالمها الساحرة
يا له من شركٍ عجيب لا هو حبلٌ يقيّد، ولا قفصٌ يحبس، بل هو سحرٌ يغوي وجمالٌ يأسر كلماتٌ تنساب بين السطور، تتسلل إلى أعماقنا دون استئذان، لتوقظ مشاعر دفينة وتُثير أفكارًا لم تخطر ببالنا وكأن ذلك الكاتب، برغم بعد المسافة الزمنية، كان يعرفنا حق المعرفة، ويعلم ما الذي يتردد في دواخلنا وكأن كلماته كُتبت لنا، نحن بالذات، في هذا الزمان والمكان
تجد نفسك متورطًا في قصةٍ لم تخترها، ولكنها تجذبك إليها بقوةٍ لا تقاوم. تتنفس مع أبطالها، تحزن لأحزانهم، وتفرح لأفراحهم تنسى نفسك وتنسى العالم من حولك وتعيش في عالمٍ موازٍ عالمٍ صنعه كاتبٌ عبقري، وأنت أسيره الطائع.
تلك الحروف التي كتبها أحدهم منذ زمن بعيد تصبح مرآةً تعكس ذاتك، تكشف لك عن جوانب لم تكن تعرفها وتجعلك تفهم نفسك بشكل أفضل. وكأن الكاتب كان يكتب عنك، أنت بالذات، رغم أنه لم يعرفك أبدًا
وتدرك أن الكلمة هي أقوى سلاح، وأعظم كنز. هي التي تصنع الحضارات، وتغير الأفكار، وتوحد القلوب. وهي التي تصطادنا في لحظة غفلة، لتأخذنا إلى عوالم أخرى وتجعلنا نرى الحياة بمنظور جديد
فيا أيها الكاتب الذي مضى عليه ألف عام، شكرًا لك على هذا الشرك الجميل، الذي أسرنا في عوالمك الساحرة، وجعلنا نكتشف أنفسنا من جديد وشكرًا لك على تذكيرنا بقوة الكلمة وقدرتها على تجاوز الزمان والمكان، وعلى لمس قلوبنا وعقولنا إلى الأبد.
إرسال تعليق