جارٍ تحميل الأخبار العاجلة...
Responsive Advertisement

تعز: تزوير الوثائق الشرعية في المسراخ: قضية عدنان الموسائي أمام القضاء

صدى الواقع اليمني - تقرير: حسين الشدادي




في تطور لافت داخل أروقة القضاء اليمني، أصدرت نيابة المسراخ قرارًا باتهام أمين الشرع عدنان محمد عبدالله علي الموسائي، البالغ من العمر 55 عامًا والمقيم في قرية الغفيرة، في القضية رقم (92 لسنة 2023) والمقيدة برقم (122 لسنة 2022). وجاء الاتهام بعد تحقيقات مطولة كشفت تورطه في ارتكاب عمليات تزوير ممنهجة في وثائق شرعية قديمة، أضرّت بحقوق المواطن محمد عبدالله أحمد محمد العيسائي، وأثارت جدلًا واسعًا حول النزاهة في توثيق المستندات الشرعية وشرعية الملكيات العقارية.

تفاصيل التهم الموجهة

وفقًا لقرار الاتهام الصادر عن وكيل نيابة المسراخ، عبدالسلام حامد، فإن المتهم الموسائي قد ارتكب عمليتين منفصلتين من التزوير، مستغلًا موقعه كأمين شرعي:

1. التزوير في وثيقة مؤرخة بشهر رمضان 1215 هـ
تشير التحقيقات إلى أن الموسائي قام بإحداث عدة تغييرات مادية في الوثيقة، تضمنت إزالة أجزاء من النص الأصلي بطرق فنية دقيقة، أبرزها:

إحداث خرق في السطر الثالث بعد كلمة "وذلك"، بطول 5 ملم وعرض 6 ملم، مما أدى إلى إزالة كلمة كان لها تأثير جوهري على تفسير الوثيقة.

إحداث خرق آخر في بداية السطر الخامس قبل كلمة "الحول"، مما تسبب في حذف كلمة "من"، وهو ما غير المعنى العام للنص وأثّر على الحقوق العقارية للمجني عليه.


هذه التعديلات لم تكن مجرد أخطاء عفوية، بل كان الهدف منها - بحسب النيابة - هو الاستحواذ على الأرض والمسقى التابعة للمجني عليه محمد العيسائي، واحتج بها المتهم أمام المحكمة لإثبات حق مزعوم له في الملكية.

2. التزوير في وثيقة مؤرخة بشهر جمادى 1271 هـ
أما في الوثيقة الثانية، فقد لجأ المتهم إلى أسلوب مختلف في التزوير، حيث قام:

بكشط حرف "الميم" من بداية الاسم الثاني للمشتري وتعديله.

بتغيير حرف الجيم إلى عين في الاسم.

بتعديل اللقب الأخير في اسم المشتري، بإضافة حرف الألف في البداية والياء في النهاية.

بإجراء تعديل في السطر الخامس من الوثيقة، مما أثر على مضمون الوثيقة وأدى إلى تحريف ملكية الأرض لصالح المتهم.


وبحسب النيابة، فإن هذه التعديلات لم تكن عشوائية، بل استهدفت خلق واقع قانوني جديد يتيح للموسائي الادعاء بملكية أراضٍ ليست له، مستخدمًا الوثائق المزورة في المحكمة كدليل على حقوق غير مشروعة.

التكييف القانوني والعقوبة المحتملة

تأتي هذه التهم في إطار القانون اليمني، حيث أكدت النيابة أن التزوير الحاصل يعد مخالفة صريحة لأحكام الشريعة الإسلامية وانتهاكًا للمادة (215) من القرار الجمهوري بالقانون رقم (12) لسنة 1994 بشأن الجرائم والعقوبات، والتي تنص على معاقبة كل من يرتكب التزوير في محرر خاص أو رسمي بقصد الإضرار بالغير أو تحقيق منفعة غير مشروعة.

وبحسب الخبراء القانونيين، فإن العقوبات قد تتراوح بين السجن المشدد لفترة قد تصل إلى عشر سنوات، خصوصًا في حال إثبات أن التزوير قد ألحق ضررًا مباشرًا بالمجني عليه وأدى إلى انتزاع ملكيته دون وجه حق.

أبعاد القضية وأثرها على الأمن القانوني

تعتبر هذه القضية نموذجًا صارخًا على التحديات التي تواجه القضاء في اليمن، خاصة فيما يتعلق بالتلاعب بالوثائق الشرعية. فالأمن القانوني في المعاملات العقارية يعتمد بشكل أساسي على مصداقية الوثائق والمحررات، وأي تلاعب بها قد يؤدي إلى فوضى قانونية ونزاعات ممتدة لعقود.

يؤكد خبراء قانونيون أن هذه الحادثة قد تفتح الباب أمام مراجعة أوسع للدور الذي يقوم به الأمناء الشرعيون في اليمن، حيث أن بعضهم يستغلون مواقعهم في تزوير الوثائق أو التلاعب بها لصالح طرف على حساب آخر.

ردود الأفعال وانتظار حكم القضاء

تنتظر الأوساط القانونية والمتضررون من مثل هذه الجرائم الحكم الذي ستصدره محكمة المسراخ الابتدائية في هذه القضية، والذي قد يكون بمثابة سابقة قانونية تؤكد جدية القضاء في التصدي لجرائم التزوير.

وفي الوقت الذي يدافع فيه المتهم عن نفسه مدعيًا أن التعديلات التي أجراها لم تكن بقصد التزوير، فإن النيابة العامة تؤكد وجود أدلة قاطعة تثبت التلاعب المتعمد، بما في ذلك تحليل الوثائق والخبرات الفنية التي أظهرت آثار التزوير بوضوح.

إن قضية عدنان الموسائي تفتح النقاش حول دور الأمناء الشرعيين وأهمية وجود رقابة صارمة على عمليات توثيق العقود والملكيات. فالقضية ليست مجرد خلاف عقاري، بل تمثل مؤشرًا على أزمة أعمق تتعلق بالثقة في الوثائق الرسمية وأمن المعاملات القانونية.

وبانتظار صدور الحكم، يظل السؤال الأهم: إلى أي مدى سيتمكن القضاء من ردع مثل هذه الجرائم؟ وهل سيشكل هذا الملف نقطة تحول في التعامل مع قضايا التزوير العقاري في اليمن؟


Post a Comment

أحدث أقدم