صدى الواقع اليمني - كتب: حسين الشدادي
في خضم التحولات المتسارعة في المنطقة، تتجه الأنظار إلى تركيا ورئيسها رجب طيب أردوغان، الذي طالما حمل طموحًا بالتوسع في الجوار السوري. منذ اندلاع الأزمة السورية، دعمت أنقرة المعارضة المسلحة، وتورطت في إسقاط نظام بشار الأسد، مستفيدة من الدعم القطري الكبير في هذا السياق. اليوم، ومع تبدّل موازين القوى، تجد تركيا نفسها في موقف لا تحسد عليه، حيث أصبحت التدخلات التي بدت يومًا فرصة استراتيجية، عبئًا سياسيًا واقتصاديًا يثقل كاهل الدولة التركية.
أردوغان، الذي كان يحلم بابتلاع سوريا، يواجه الآن واقعًا مختلفًا، إذ يبدو أن التطورات تدفعه نحو التراجع، وربما "لفظ" ما كان قد التهمه، لكن ليس من دون خسائر داخلية جسيمة. فالتدخل التركي في الشمال السوري لم يؤدِّ إلى استقرار دائم، بل بات ملفًا معقدًا، تتداخل فيه المصالح الدولية، وأبرزها التفاهمات الروسية-الأمريكية، التي تسعى للحفاظ على التوازن في المنطقة، ومنع تحقيق أحلام إمبراطورية سواء فارسية أو عثمانية.
اللافت في هذه العواصف الجيوسياسية، هو نجاح المملكة العربية السعودية في تجنب التداعيات المباشرة، حيث أثبتت مجددًا قدرتها على إدارة الأزمات بحكمة سياسية، مكنتها من تجاوز صراعات المنطقة منذ خمسينيات القرن الماضي. فبينما شهدت المنطقة سقوط أنظمة وتحولات كبرى، ظلت المملكة صامدة، متجنبة الانزلاق في صراعات غير محسوبة.
وفي الداخل التركي، يبدو أن التوتر الشعبي تجاه سياسات أردوغان في تصاعد مستمر، إذ شهدت إسطنبول الليلة الماضية احتجاجات ضد سياسات الرئيس، في مؤشر على تزايد السخط الشعبي وسط أزمة اقتصادية خانقة. فهل يجد أردوغان نفسه مضطرًا للخروج من المستنقع السوري، أم أنه سيحاول البقاء ولو على حساب مزيد من الخسائر؟
إرسال تعليق