جارٍ تحميل الأخبار العاجلة...
Responsive Advertisement

ماذا تبقى من هذه الوطن

صدى الواقع اليمني - كتب: رأفت المليكي 

هذه هو وطني، فما الذي تبقى منه سوى الحروب المشتعلة، لا نعرف الحياة المستقرة، ولا ندرك كيف أصبح الوطن مغمورًا بالدماء. لم يتبق من هذا الوطن إلا علمه المجهول. وطن تحول إلى سراب، وطن لم يترك لنا شيئًا سوى الأطلال المعتمة والذكريات المبعثرة والأحلام المكسورة بين ركام المدن المدمرة.

وطن غارق في الحروب الطاحنة، والقصف الجماعي، والتدمير اليومي، والنهب المستمر، والقتل المتجدد. كل شيء قد تغير، كانت الحياة مليئة بالسعادة، لكنها أصبحت ملوثة بالأرواح المهدورة. لماذا أصبح الوطن بلا ملاذ وبلا سلام، لا حياة لمن تنادى، لقد تعرض الوطن للتقسيم، تحكمها جماعات متنازعة، يغيب الأمن والاستقرار.

باتت قلوب الشعب تغمرها مشاعر الغضب واليأس. إلى متى سيستمر اليمني على التعايش مع هذه الأكاذيب التي تسيطر على عقولهم؟ إلى متى سيبقى الناس ضحية للخداع المفضوح للجميع؟ إلى متى ستظلوا صامتين على ما يجري من حولكم؟ إلى متى ستبقون عاجزين عن التعبير عن آلامكم؟. 

هل أنتم راضون عن تلك الحروب المشتعلة بلا توقف، سالت دماؤكم، وانقضت القذائف على منازلكم، فامتلأت المقابر بحكايات الموت. لماذا يلتزم الشعب اليمني بالصمت؟ لماذا يبدو وكأنه قد أبرم هدنة دائمة مع الظلم والقهر والفساد الذي بات هو القاعدة. هل أصبحت العدالة استثناءً في واقعنا المرير؟. 

هل هذه لعنة حلت على الأرض أم أن الزمن قد توقف في لحظة من الخنوع الأبدي؟ فكلما قام شخص ما ليقول
الصحفي رأفت المليكي

هذه هو وطني، فما الذي تبقى منه سوى الحروب المشتعلة، لا نعرف الحياة المستقرة، ولا ندرك كيف أصبح الوطن مغمورًا بالدماء. لم يتبق من هذا الوطن إلا علمه المجهول. وطن تحول إلى سراب، وطن لم يترك لنا شيئًا سوى الأطلال المعتمة والذكريات المبعثرة والأحلام المكسورة بين ركام المدن المدمرة.

وطن غارق في الحروب الطاحنة، والقصف الجماعي، والتدمير اليومي، والنهب المستمر، والقتل المتجدد. كل شيء قد تغير، كانت الحياة مليئة بالسعادة، لكنها أصبحت ملوثة بالأرواح المهدورة. لماذا أصبح الوطن بلا ملاذ وبلا سلام، لا حياة لمن تنادى، لقد تعرض الوطن للتقسيم، تحكمها جماعات متنازعة، يغيب الأمن والاستقرار.

باتت قلوب الشعب تغمرها مشاعر الغضب واليأس. إلى متى سيستمر اليمني على التعايش مع هذه الأكاذيب التي تسيطر على عقولهم؟ إلى متى سيبقى الناس ضحية للخداع المفضوح للجميع؟ إلى متى ستظلوا صامتين على ما يجري من حولكم؟ إلى متى ستبقون عاجزين عن التعبير عن آلامكم؟. 

هل أنتم راضون عن تلك الحروب المشتعلة بلا توقف، سالت دماؤكم، وانقضت القذائف على منازلكم، فامتلأت المقابر بحكايات الموت. لماذا يلتزم الشعب اليمني بالصمت؟ لماذا يبدو وكأنه قد أبرم هدنة دائمة مع الظلم والقهر والفساد الذي بات هو القاعدة. هل أصبحت العدالة استثناءً في واقعنا المرير؟. 

هل هذه لعنة حلت على الأرض أم أن الزمن قد توقف في لحظة من الخنوع الأبدي؟ فكلما قام شخص ما ليقول "لا"، يتلاشى ويختفي، يتحول إلى ذكرى عابرة في أذهان الناس، مجرد قصة تروى بخجل في المجالس الهادئة. ثم يعود كل شيء إلى ما كان عليه، ليظل الصمت هو السائد والمهيمن. 

أصبح كل شيء في اليمن يعرض للبيع، الأرض تباع، النفط يباع، وحتى الهواء الذي يتنفسه الإنسان أصبح له ثمن. بل إن الأرواح أيضاً تباع في صفقات سياسية تتعلق بالحرب والموت. 

إلا أن الشعب اليمني يظل صامتًا، ينظر إلى الطغاة وكأنهم آلهة لا يجوز المساس بهم، وكأن مصيرهم المكتوب هو أن يبقوا عبيدًا في مزرعة هؤلاء السارقين. ولا يسأل أحد عن الكيفية التي تحول بها بلد غني بالموارد إلى ما يشبه الفقر المدقع، كيف أصبحت بلاد الحضارات القديمة مجرد مكب للنفايات مليء بالأحلام المحطمة، وكيف صار الإنسان اليمني مجرد رقم مدرج في قائمة انتظار طويلة لمصيره المحتوم بالموت. 

ما ذنب الأطفال الذين دمرت منازلهم فوق رؤوسهم، غادروا هذه الحياة قبل أن ينعموا بشعور الهواء يلامس وجوههم، ما ظلم الأطفال الذين امتلأت عيونهم بالدموع، وكم هو محزن ما آلت إليه جثثهم وهي مُلقاة في المستشفيات، وكيف يمكن أن توصف معاناة الأطفال الذين فقدوا عائلاتهم، ولم يعد لديهم من يعتني بهم أو يشعر بحزنهم. 

ما ذنب أطفال الذين أصبحوا بلا منازل، يتجولون في الشوارع كمتشردين، منفصلين عن كل ما يعرفونه. يعبرون عن المجهول، ولا يعرفون الفرق بين الحق والباطل، أو بين السياسة والأحزاب، أو حتى معنى الديمقراطية التي أصبحت بالنسبة لهم شيئاً لا قيمة له. 

هل هذا هو الإسلام الصحيح الذي نعرفه؟ ما الذي يؤدي إلى تلك الجرائم الوحشية، لقد أصبحت الأسواق خالية تمامًا، والخوف بات ينهي حياة الناس. والمساجد تنهار، والمدارس تتفجر، والمستشفيات تتعرض للقصف فوق رؤوس المرضى. يبدو أن الإنسانية والرحمة قد اختفت.

ما سبب تلك الأفعال المرعبة والمروعة، هل هي الكراسي والمناصب التي دفعت بالشعب اليمني إلى هذه الحالة المظلمة والمكسورة، لكن هل ما نشهده هو صمت أم أنه تعبير عن غضب مؤجل؟ هل هو استسلام أم أنه صراع داخلي بين مشاعر الخوف والغضب. 

كم مرة كانت ملامح الانفجار واضحة على هذا الشعب، ومع ذلك، في اللحظات الحرجة، يتراجع ويتردد، ويشعر بالخوف من المجهول، وكأن ما يخبئه المستقبل من المخاطر أسوأ بكثير من الواقع الصعب الذي يعيشه. لكن المعضلة تكمن في أن اليمني لا يزال محاصرًا في هذه الدائرة المظلمة، يتأرجح بين الخوف والتردد، بين الصبر على المعاناة والخنوع، بين الرغبة في تحقيق الحرية والرعب من تبعات تلك الخطوة الجسورة.

قد يكون الشعب اليمني استوعب فكرة أن الألم جزء لا يتجزأ من حياته اليومية، وأصبح يتعايش معه كأنه واقع مفروض، وكأن القهر والتسلط صار جزءًا من جيناته، وكأن المعاناة أصبحت أمرًا طبيعيًا كالتنفس، وكأن العبودية قد كُتب عليها أن تكون قدرًا لا مهرب منه. 

لكن إلى متى سيظل اليمنيون يشاهدون بلادهم تنهب وأحلامهم تسلب، وأطفالهم يموتون جوعًا، ونساءهم ينحبن لفقد أحبائهن، ورجالهم يتحولون إلى كائنات ضائعة بلا كرامة، إلى متى ستبقى الجثث ملقاة في الشوارع دون أن أحد يسأل عن أسباب وفاتها، إلى متى سيستمر الحكام الفاسدون في التنافس على مكاسبهم الشخصية بينما الفقراء يتصارعون على الفتات المتبقي. 

متى سيأتي اليوم الذي يدرك فيه هذا الشعب أن الطغاة لا يرحلون بالدعوات وحدها، وأن الفساد لا يمكن معالجته بالصبر فقط، وأن الحرية ليست هدية تمنح، بل حق يستخلص، متى سيفهم أن الصمت ليس فضيلة، بل لعنة، وأن الصبر ليس حكمة، بل استسلام، وأن الانتظار لن يأتي له بشيء سوى المزيد من الذل. 

يا لها من مأساة كيف يمكن لشعب أن يرفض الحرية، والسلام، والاستقرار، وأن يستسلم لمصيره بهذه الطريقة يعيش الناس صامتين، راضين بالعنف الوحشي الذي يتعرض له الآخرون. كل يوم ترتكب جرائم الاغتيال والاختطاف، وبدلاً من أن يتحرك ضميرهم، تظل أعينهم جاحظة وكأنها لا تبالي بما يحدث.

Post a Comment

أحدث أقدم