جارٍ تحميل الأخبار العاجلة...
Responsive Advertisement

اليمن 2025.... عام آخر من المأساة في ظل صمت العالم

صدى الواقع اليمني - كتب : أيمن صلاح الطاهري

الصحفي أيمن الطاهري



مع دخولنا شهر مارس 2025، لا يزال اليمن يتأرجح على حافة الانهيار، مأساة متواصلة بلا نهاية، يدفع ثمنها ملايين المدنيين الذين عانوا من الحرب والجوع والقمع تطوى الأيام والشهور، ويبقى المشهد اليمني محكوماً بالدمار والفساد والاستبداد، بينما يتفرج العالم بصمت أو يتواطأ بمصالحه، تاركاً البلاد رهينة بيد جماعة الحوثي من جهة، وحكومة عاجزة وممزقة من جهة أخرى  
 
منذ مطلع العام 2025، صعّدت جماعة الحوثي من حملاتها القمعية ضد المواطنين في مناطق سيطرتها، حيث باتت صنعاء وغيرها من المحافظات الخاضعة لهم أشبه بسجون مفتوحة تضاعفت الاعتقالات السياسية، وتوسعت حملات القمع ضد المعارضين والصحفيين، وتم إغلاق المزيد من المؤسسات الإعلامية والمدنية

الوضع الاقتصادي لا يقل مأساوية إذ تواصل الجماعة نهب الأموال عبر الضرائب الباهظة والمجهود الحربي، بينما يعاني المواطن من الفقر والجوع، والأسعار تتضاعف دون أي قدرة للمواطن على مجابهتها

ومع دخول شهر رمضان، تحولت الأسواق إلى مشاهد للبؤس، فالناس يبحثون عن قوت يومهم وسط ارتفاع الأسعار الجنوني، بينما تستعرض الميليشيات قوتها في الشوارع عبر العروض العسكرية والاحتفالات الطائفية التي تُصرف عليها ملايين الدولارات  

أما المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المعترف بها دولياً، فليست بحال أفضل كثيراً، لكنها على الأقل تحافظ على هامش من الحريات والحقوق الأساسية التي لا توجد في مناطق الحوثي لكن المشكلة الحقيقية تكمن في الفساد والانقسامات التي تعصف بالسلطة الشرعية، حيث استمرت الأزمات السياسية بين الفصائل المختلفة، مما جعل العمل الحكومي مشلولاً إلى حد كبير

في عدن ومأرب تعاني الحكومة من أزمات متكررة في الكهرباء والخدمات الأساسية، بينما يستمر الانفلات الأمني في بعض المناطق ومع ذلك، تبقى هذه المناطق ملجأً لمن يفرّون من جحيم الحوثي، حيث يجدون على الأقل مساحة للحياة بعيداً عن القمع المباشر 
  
منذ يناير 2025، لم تهدأ الجبهات، حيث واصلت جماعة الحوثي محاولاتها التقدم في مأرب وشبوة، لكن قوات الجيش والمقاومة الشعبية نجحت في صدّ معظم الهجمات في المقابل تزايدت الغارات الجوية والضربات التي تستهدف مواقع الميليشيا، وسط مخاوف من تصعيد إقليمي جديد قد يعمّق الأزمة أكثر 

في الساحل الغربي، شهدت جبهات تعز والحديدة تحركات عسكرية متقطعة، لكن الجمود السياسي حال دون تحقيق أي تغيير جوهري على الأرض ومع غياب أي مبادرات جادة للسلام، تبدو الحرب مستمرة إلى أجل غير مسمى
  
وسط كل هذه الفوضى، لا يزال اليمني هو الضحية الكبرى، حيث أصبح البقاء على قيد الحياة معركة يومية يخوضها المواطن البسيط دون سلاح، إلا بالصبر والانتظار آلاف الأسر فقدت معيلها، والنازحون ما زالوا يكابدون أوضاعاً مأساوية، والأطفال يواجهون المجاعة والجهل والمرض  

في رمضان هذا العام، ستضاء الشوارع في مناطق الحوثي بالزينة والاحتفالات التي تموّلها أموال الجبايات، بينما سيجلس الفقراء على موائد خاوية وفي مناطق الشرعية، ستظل الكهرباء مقطوعة لساعات طويلة، بينما يستمر المسؤولون في تبادل الاتهامات دون حلول 

إلى متى؟  
اليمن لم يعد مجرد بلد يعاني حرباً، بل تحول إلى كابوس طويل لا يبدو أن أحداً يريد إيقاظه منه العالم يراقب يتدخل أحياناً حين تقترب النيران من مصالحه، ثم يعود إلى صمته المريب أما الشعب، فبين جحيم الحوثي وبيروقراطية الشرعية، لا يجد طريقاً للخلاص سوى الانتظار في طوابير المساعدات، أو الهروب عبر قوارب الموت، أو الموت البطيء في وطنه

ومع ذلك، يبقى السؤال إلى متى؟ وإلى متى سيظل العالم يرى اليمن كمجرد خبر عاجل، بينما يتحول إلى مقبرة مفتوحة لأبنائه؟



Post a Comment

أحدث أقدم