صدى الواقع اليمني - كتب: محمد السفياني
في المؤتمر الصحفي الذي عقده ترامب والملك عبد الله بن الحسين ملك الأردن، أطلق ترامب تصريحات غير قانونية وغير منطقية، بل غير مقبولة لا شكلاً ولا موضوعاً للأسباب التالية:
أولاً: يريد ترامب من وراء هذا التصريح الضغط القاسي على الفلسطينيين، إن لم يكن التهجير الكامل، وهذا يجعل السعودية ومصر في خطر المواجهة مع أمريكا وإسرائيل. أعتقد أن أقل مطلب سيخرج به ترامب ونتنياهو ربما هو قضم الأذن الفلسطينية، وبهذا يكون ما قام به الإسرائيلي من قتل وغيره هو دفاعاً عن أرضه، وهذا يبطل العدوان الإسرائيلي ويحوله إلى دفاع عن الحق، وهذا ما يسعى إليه السمساران الأمريكي والإسرائيلي، مما يجعل الموقف العربي صعباً جداً في التفاوض.
ثانياً: إن الملك الأردني ربط موقف بلاده من قرار ترامب بخطة مصر وقرار الرياض.
ثالثاً: إن تواري الجميع عن التصدي لقرارات ترامب من قيادة المنطقة كاملة الآن جعل المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية هما في صدارة الأمة وعليهما تحمل المسؤولية في حقوق الشعب الفلسطيني. وعلى حماس وقف التبعية من الحضن التركي إلى الحضن الإيراني وعند الصدق تعود إلى الحضن العربي. عليها وقف المماحكات الحزبية، فإن الموقف الآن مسألة وجود للفلسطينيين وحقوق شعب بأكمله وليست مشكلة حماس كجماعة سياسية جزئية من الشعب الفلسطيني.
رابعاً: إن إيران وتركيا دولتان سيكون التعامل معهما مستقبلاً عبر عاصمة الشرق الأوسط الرياض أو القاهرة، خاصة وقد كان ما كان لهنية، رئيس حماس في ضيافة طهران واستشهاده في زحمة التدافع على عرش طهران باغتيال دبر بليل مظلم، لم تفصح طهران حتى الآن عن نتائج التحقيق في كيفية اغتياله من قبل إسرائيل.
خامساً: روسيا لم تجد أمامها إلا الاعتراف بشرعية الشرع كرئيس للجمهورية العربية السورية، وكل هذا جاء بعد اعتراف السعودية، واعترف العالم به. هذا يؤكد أن حكام المنطقة بأكملها شرعيتهم عبر الرياض. فمن ذا بقي اليوم غير مطبع مع إسرائيل سوى السعودية؟ والآن هي من ستفاوض إسرائيل على القضية الفلسطينية بوجود أمريكي، كما فاوضت السعودية جمهورية إيران باعتبار السعودية ممثلة عن الدول العربية في وجود الضامن الصيني.
سادساً: إن ما يقوم به ترامب يأتي في وقت تسعى فيه الصين لحل مشكلات الرسوم الضريبية على السلع والبضائع الصينية الداخلة إلى الأسواق الأمريكية، ومثلها الاتحاد الأوروبي الذي يسعى إلى التفاوض مع ترامب بشأن الرسوم الجمركية. أما بالنسبة لروسيا، يكفيها تصريح ترامب بأن أوكرانيا ستصبح يوماً ما روسية، وهذا يحمل في طياته طمأنة وإباحة لروسيا من جهة وتهديداً لأوروبا بالدب الروسي.
سابعاً: إن ترامب وضع له شركاء في القرارات الدولية في كل قارة. فاختار من أوروبا بريطانيا وإيطاليا، ومن آسيا والشرق الأوسط اختار السعودية ومصر، ومن آسيا اختار كوريا الجنوبية واليابان وتايوان، والأخيرة هي نقطة تفاوض دائم بين أمريكا والصين. لذا يجب على حماس أن تعلم أن مستقبلها ومستقبل الشعب الفلسطيني في خطر حقيقي، ويجب عليها الآتي:
1. التوقف عن اتخاذ قرارات تتيح لنتنياهو شن حرب انتقامية جديدة قد تؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية.
2. الابتعاد عن إيران وتركيا، وهما دولتان تتاجران بالقضية الفلسطينية. وعندما حان وقت الحرب، انتهت التصريحات والفتونة. بل إن البعض اتهم حماس بأنها قامت بطوفان السابع من أكتوبر بطلب إيراني تركي حتى يفوتوا على السعودية تحقيق حل الدولتين مقابل التطبيع السعودي مع إسرائيل. وزعموا أن ذلك بعد أن عينت السعودية سفيراً لها لدى الدولة الفلسطينية في القدس الشرقية. وتساءلوا: لماذا قامت حماس بطوفان في السابع من أكتوبر بالذات بعد تصريحات السعودية وأمريكا بشأن حل الدولتين؟ كان هناك رد: ماذا عمل دعاة السلام لإسرائيل التي ظلت تقتل منذ عام 1948م وحتى يومنا هذا؟ وماذا عمل مجلس الأمن الأمريكي لملايين الشهداء ومذابح وجرائم ارتكبها الكيان الإسرائيلي؟ الآن عدد شهداء فلسطين منذ السابع من أكتوبر وحتى يومنا أكثر من خمسين ألف شهيد ومائة ألف جريح ودمار غزة برمتها. لذا يجب على حماس ألا تتيح الفرصة لإسرائيل وأمريكا بتصفية القضية الفلسطينية، بل يجب عليها أن تلزم الصمت وتوقف أي أنشطة قتالية باستثناء الدفاع في حالة العدوان الإسرائيلي. مالم، فإن ما يبحث عنه نتنياهو سيتحقق بأيد فلسطينية. بل إنه يجب أن يكون هناك موقف عربي موحد يساند الموقف السعودي المصري حتى يحصل الشعب الفلسطيني على حقه في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
فهل من مدكر؟
إرسال تعليق