صدى الواقع اليمني - تقرير: حسين الشدادي
ربيع محمد علي غالب الدعري، رجل من الفئة المهمشة في اليمن، متزوج وأب لسبعة أطفال، إضافة إلى إعالته لوالدته وأخواته. عمل بالأجر اليومي حمالًا لدى التاجر عبدالناصر سيف مقبل في منطقة النشمة بمديرية المعافر. بعد وفاة التاجر، تولى أبناؤه إدارة أعماله، وعلى رأسهم كمال الناصري وأخوه ليث.
في ظل نزاع على الإرث بين كمال وليث، وقعت حادثة سرقة لمنزل كمال الناصري، الذي أبلغ السلطات عن الحادثة بعد عودته من صنعاء. لم يجد البحث الجنائي أي دليل على السرقة، ومع ذلك، وجه كمال اتهامات طالت أقاربه، بما في ذلك أخيه غير الشقيق سليم الجمالي وخالته وزوجته، إضافة إلى اتهام ربيع محمد غالب الدعري، الذي لم يكن حتى في تعز وقت وقوع الحادثة.
من اتهام بلا دليل إلى احتجاز تعسفي
بعد أن كان في عدن، تواصل كمال مع ربيع وأخبره أن هناك أمرًا قهريًا بحقه، ليعود ربيع إلى تعز. عند وصوله، حاول التأكد من وجود أمر اعتقال بحقه عبر قسم شرطة المعافر، حيث قيل له أن يعود بعد يومين أو ثلاثة. لكنه تفاجأ لاحقًا بأن كمال يسعى لإجباره على الاعتراف زورًا بتورطه في السرقة.
في جلسة جمعته بكمال، تم عرض المال على ربيع للشهادة زورًا، لكنه رفض. لاحقًا، أقنعه كمال بالتوجه إلى تعز للتحقيق في البحث الجنائي، إلا أن ربيع وجد نفسه محبوسًا في فندق بمنطقة المسبح، حيث تعرض للاعتداء الجسدي والتهديد من قبل كمال ومجموعته، وأُجبر بالقوة على الإدلاء باعترافات ملفقة تحت التهديد.
بعد ذلك، نُقل إلى البحث الجنائي حيث ظل محتجزًا لشهر وأربعة عشر يومًا دون السماح له بالزيارة، استنادًا إلى الاعترافات المنتزعة بالقوة. وعندما تم تحويله إلى نيابة المعافر والمواسط، أنكر أمام القاضية شروق الوحش كل ما نُسب إليه، كاشفًا عن تعرضه للإجبار والاعتداء الجسدي داخل الفندق.
تلاعب قضائي وتواطؤ مع النافذين
بدلًا من التحقيق في ادعاءات التعذيب والانتهاكات، انحازت القاضية شروق الوحش إلى كمال الناصري، مما زاد من تعقيد القضية. وبعد تدخل محامية الدفاع نبيلة الجبيبي، تم التوصل إلى اتفاق للإفراج عن ربيع بالضمان، إلا أن ذلك لم يتم تنفيذه.
بعد انسحاب القاضية شروق من القضية، تولى القاضي يوسف مغلس الملف، وطلب ضمانًا تجاريًا للإفراج عن ربيع، وهو ما قدمه ذووه، ليكتب القاضي على ورقة الضمان أنه "لا مانع من الإفراج عنه". غير أن رئيس قلم التوثيق عامر المقطري، الذي كان بصدد إصدار الإفراج، تلقى اتصالًا من وكيل النيابة محمد عبده النور البركاني، أمره بعدم تنفيذ القرار.
المفارقة أن جميع المتهمين الآخرين في القضية تم الإفراج عنهم بالضمان، بينما ظل ربيع محتجزًا دون أي مسوغ قانوني، وسط مماطلة متعمدة من النيابة. وعندما استفسر ذووه عن سبب عدم الإفراج، زعم وكيل النيابة أن القضية استؤنفت، رغم أن ملفها لم يُرفع أصلًا إلى المحكمة.
ربيع الدعري.. ضحية تمييز وظلم قانوني
لا يزال ربيع محمد علي غالب الدعري مسجونًا حتى اليوم دون محاكمة عادلة، ودون وجود أدلة حقيقية تدينه. بل إن القضية تحولت من قضية سرقة غامضة إلى مسلسل من التلاعب القضائي، حيث يظهر النفوذ والتمييز الاجتماعي بشكل صارخ في مسار العدالة.
بينما يتمتع المتهمون الآخرون بحريتهم، يُترك ربيع ليواجه مصيرًا مجهولًا، رغم استيفائه كل شروط الإفراج القانونية. استمرار احتجازه يمثل انتهاكًا صارخًا للعدالة، ويكشف عن مدى تغلغل النفوذ والتمييز في بعض المؤسسات القضائية، التي من المفترض أن تكون حاميةً للحقوق، لا أداةً للظلم.
إن قضية ربيع الدعري لم تعد مجرد قضية فردية، بل باتت مثالًا على معاناة الفئات المهمشة في اليمن أمام السلطة والمال والنفوذ.
إرسال تعليق