صدى الواقع - تقرير: حسين الشدادي
تشهد مناطق السويدة التابعة لمديرية المعافر في محافظة تعز أزمة متفاقمة بشأن توزيع المياه، حيث يتهم مزارعون محليون أصحاب الآبار باستغلال المياه وحرمان المزارعين المستحقين منها، لصالح بيعها لمناطق أخرى. يأتي هذا في سياق اجتماعي واقتصادي محتدم، وسط مطالبات بتدخل الجهات المعنية لإنصاف المتضررين وإعادة الأمور إلى نصابها.
القضية: حرمان المزارعين من حقوقهم الأساسية
أفاد المزارع نبيل عبد الواسع شرف عبد الهادي، في شكوى رسمية موجهة إلى لجنة الوثيقة المجتمعية والسلطة المحلية والشخصيات الاجتماعية، بأن بعض أصحاب الآبار في المنطقة، تحديداً الأخوين يوسف يحيى محي الدين وفديس محمد الحاج، يمنعون وصول المياه إلى الأراضي الزراعية القريبة، التي لا تبعد عن الآبار سوى 100 متر، بينما يتم نقل المياه إلى مزارعين خارج المنطقة على بعد أكثر من 2000 متر.
وأشار عبد الهادي إلى أن هذه الممارسات لم تقتصر على منعه من حقوقه كمزارع قريب من مصادر المياه، بل امتدت إلى تحميله تكاليف مالية باهظة لإنشاء شبكة مياه خاصة به، بلغت كلفتها أكثر من مليون ريال يمني، ما يشكل عبئاً إضافياً عليه وعلى غيره من المزارعين الذين يعانون من نفس المشكلة.
الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية للأزمة
تعكس هذه الأزمة مظهراً من مظاهر التحديات التي تواجه المجتمعات الريفية في تعز، حيث يعتمد السكان بشكل كبير على الزراعة كمصدر رئيسي للرزق. ومع تصاعد النزاعات حول الموارد المائية، تزداد حدة التوترات الاجتماعية بين أبناء المنطقة، ما يهدد بنسف أسس التعايش المجتمعي.
وأكدت شخصيات اجتماعية بارزة، مثل الشيخ عبد السلام عقلان الصهيبي والشيخ زياد نبيل إبراهيم عقلان الصهيبي، أن هذه التصرفات تمثل خرقاً واضحاً للوثيقة المجتمعية التي تنظم العلاقة بين أبناء المنطقة، وتضمن حقوق الجميع في الاستفادة من الموارد الطبيعية بشكل عادل.
تدخلات سابقة: درس من مديرية المسراخ
في مديرية المسراخ المجاورة، قامت لجنة مشتركة من الجهات المجتمعية والأمنية مؤخراً باتخاذ إجراءات حازمة لوقف مشاريع نقل المياه من المديرية إلى مناطق أخرى. وشملت هذه الإجراءات تقطيع الخطوط المائية غير القانونية التي كانت تنقل المياه من آبار المسراخ إلى خارج المديرية، في خطوة أثارت استحساناً واسعاً بين السكان المحليين، الذين رأوا فيها حماية لحقوقهم المشروعة.
مطالبات بتكرار التجربة في المعافر
دعا مزارعو السويدة، ومن بينهم نبيل عبد الواسع، إلى تبني تجربة مديرية المسراخ في معالجة الأزمة، من خلال تشكيل لجنة مشتركة تضم الجهات المجتمعية والأمنية، للعمل على إيقاف المشاريع المائية التي تنقل المياه من آبار السويدة إلى مناطق أخرى خارج المعافر.
ويرى المزارعون أن هذا التدخل ضروري للحفاظ على موارد المنطقة ومنع تفاقم النزاعات، مشددين على أهمية التزام أصحاب الآبار بالوثيقة المجتمعية التي تمنح الأولوية لأبناء المنطقة في الاستفادة من المياه.
الحلول المقترحة:
1. إنشاء لجنة مشتركة: تضم ممثلين عن السلطة المحلية، والمشايخ، والشخصيات الاجتماعية، ولجنة الوثيقة المجتمعية، بهدف متابعة القضية وضمان العدالة.
2. وضع ضوابط صارمة: تمنع بيع المياه خارج المنطقة، وتضمن حقوق المزارعين القريبين من مصادر المياه.
3. إصلاح الشبكات المائية: وإعادة تنظيمها بما يخدم جميع المزارعين في المنطقة بشكل عادل، بعيداً عن الاستغلال أو التمييز.
4. تفعيل دور الجهات الرقابية: لمتابعة تطبيق الوثيقة المجتمعية ومنع أي انتهاكات جديدة.
وتعكس أزمة المياه في السويدة تحدياً حقيقياً يحتاج إلى تدخل حازم وعادل من الجهات المعنية. وبينما يرى البعض في تجربة مديرية المسراخ نموذجاً ناجحاً يمكن الاقتداء به، يبقى الحل النهائي رهناً بتضافر الجهود المجتمعية والرسمية، لضمان توزيع عادل للموارد وحماية حقوق الجميع.
إرسال تعليق