صدى الواقع - كتب : محمد محمد السفياني
أصدرت الصين أمس بيانًا احتجاجيًا ضد العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية على أكثر من 134 شركة صينية. وطالبت الصين في بيانها الولايات المتحدة بمراجعة قرارها الخاطئ. وأشار البيان إلى أن الصين ستتخذ إجراءات ردع. وأضاف البيان، الذي تناقلته وسائل الإعلام، أنه لا يمكن إيقاف التنمية السريعة في الصين.
والحقيقة أن الحرب بين الطرفين قد بدأت منذ الحرب الأوكرانية، حيث اتحدت الصين مع روسيا وكوريا الشمالية وإيران، لتشكّل طرفًا شرقيًا، في مواجهة الولايات المتحدة وأوروبا وحلفائهم في آسيا. بل إن الحرب في منطقة الشرق الأوسط أصبحت ساحة لاستعراض القدرات العسكرية والتقنية للطرفين. فقد أظهرت الصين وروسيا تفوقهما في الصواريخ الذكية الفرط صوتية القادرة على التهرب من الرادارات الأمريكية والأوروبية، وكذلك في الطيران المسيّر، بينما أظهرت أمريكا وحلفاؤها تفوقهم في الطيران الحربي والقنابل الذكية.
والآن، بدأت حرب التجارة والممرات المائية في البحار والمحيطات، وسباقات الوصول إلى الثروات المعدنية والنفط والغاز. لقد أثبت ترامب صحة تصريحاته حول جزيرة غرينلاند الدنماركية وكندا وقناة بنما، التي شقتها الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1914م، وهي قناة تربط المحيط الأطلسي بالمحيط الهادئ. وقد سلمت الولايات المتحدة القناة لجمهورية بنما في الأول من أكتوبر عام 1979م بعد 85 عامًا من السيطرة عليها، لكنها عاودت غزوها في 20 ديسمبر 1989م، واستمرت حتى 31 يناير 1990م.
وتجدر الإشارة إلى أن معظم البضائع الصينية إلى أمريكا تمر عبر القناة، بما يعادل 200 مليون طن من البضائع. ومع قرار ترامب السعي لاستعادة السيطرة على القناة، سارع البنميون للاحتفال بذكرى تسلّم القناة رسميًا من الولايات المتحدة. في المقابل، طالب رئيس جزيرة غرينلاند الدنماركية بالاستقلال عن الدنمارك، بينما قدّم رئيس وزراء كندا، جاستن ترودو، استقالته من منصبه.
هذا التطور يشير إلى أن العالم مقبل إما على حرب كبرى أو على حركة تقاسم استعمارية جديدة. ومؤشرات عودة اليمين المتطرف إلى أوروبا قد تعني عودة النازية، مما يعيد إلى الأذهان إرهاصات الحرب العالمية الثانية. لذا، فإن الحرب العالمية الثالثة ستكون حرب السيطرة على الأسواق والثروات والممرات المائية وطرق التجارة والصناعة والتكنولوجيا، بالإضافة إلى الأمن السيبراني والتفوق في الفضاء والذكاء الاصطناعي.
وفي هذا السياق، مطلوب من العرب التحلّي بالهدوء والعمل على تشكيل تكتل قوي وهادئ، وإيقاف التبعية التي لا تخدم مصالحهم. معظم الممرات البحرية والدول العربية هي الآن تحت سيطرة الأطراف الكبرى. لذا، يجب الاحتفاظ بالألعاب النارية للأفراح فقط، فهذا هو الواقع... فهل من مُدّكر؟
إرسال تعليق