صدى الواقع - كتب : محمد محمد السفياني
مجرد فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية على منافسته الديمقراطية كمالا هاريس، وبمجرد تنصيبه، يتضح للعالم أن الرأسمالية الحاكمة تريد أن تعيد العالم إلى القانون الاحتكاري. وبكل وقاحة، كشرت الرأسمالية عن أنيابها وأفصحت عن نيتها الخبيثة وأرادت أن تعيد الأسواق الاحتكارية التي تخلى عنها الشرق (الصين وروسيا) مؤسسها. فهل هذا يعني أنها تريد التخلي عن حرية الأسواق التنافسية؟ أليست دعوة ترامب إلزامية لدول أوروبا بشراء الطاقة حصريًا من الولايات المتحدة الأمريكية مقدمة لهذا التوجه؟ أليست دعوته لضم قناة بنما وجزيرة جرينلاند الدنماركية وتوجيهاته بشأن المكسيك تمثل دعوة استعمارية؟
أما بشأن الصين والعقوبات وزيادة الرسوم الجمركية على السلع الصينية الواصلة إلى الأسواق الأمريكية، فإن ذلك يدل على أن الولايات المتحدة الأمريكية عاجزة عن المنافسة. إن حرية التجارة ومنظمة الجات GATT التي تطورت لتصبح منظمة التجارة العالمية WTO، واتخذت من مدينة جنيف في سويسرا مقرًا لها، هي اتفاقية غير ملزمة لأعضائها وهي اتفاقية للتجارة في السلع (السلع الصناعية). نجد أن أهداف اتفاقية الجات هي:
- العمل على تحرير التجارة الدولية.
- إزالة العوائق أمام التبادل التجاري بين الدول.
- حل المنازعات التجارية الدولية عن طريق المفاوضات.
- تهيئة المناخ الدولي والإعداد لإنشاء منظمة التجارة العالمية.
كما تضمنت في طياتها فقرات ذات نبرة قانونية دولية، أهمها التعامل بالمثل فيما يخص نقل البضائع والحرص عليها من قبل الدول التي تمر من خلالها كما لو كانت بضاعتها. هذا وألزمت جميع دول الاتفاقية بمبدأ عدم التمييز بين بضاعة وأخرى، وحل المشاكل عن طريق ميثاق (جيت) الذي يربط الدول التي صادقت عليه. وبمجرد عدم قدرة الدول الكبرى على المنافسة، فإن ذلك الاتفاق يتحول إلى شعار كان هدفه زيادة الرسوم الجمركية على السلع القادمة من العالم الثالث إلى أسواق أمريكا تحت مبرر تلويث المناخ وعمالة الأطفال. فيما تدخل سلعهم وبضائعهم إلى بلدان دول العالم الثالث بلا رسوم أو بأقل نسبة من الضريبة الجمركية، حتى أصبحت دول العالم الثالث إما في حروب مخطط لها مسبقًا أو متسولين في الشوارع أو غرقى في البحار بحثًا عن لقمة العيش.
آخر هذه الدعوى يعلن ترامب من سيدعمه بـ500 مليار دولار أمريكي ستكون زيارته الأولى إليها. وفي نفس الليلة، لم ينام ترامب إلا وقد جاءته بشرى ليس بـ500 مليار دولار بل بـ600 مليار دولار. ولو أجاد الرقصة ترامب في زيارته هذه المرة، يمكنه العودة بتريليون دولار. طيب، لماذا لم نسمع من ترامب أنه سلم طائرات F35 والصفقات السابقة الموقعة مع دول الخليج العربي بينما سلمها لنتنياهو؟ كيف نفسر ذلك؟ فماذا لو سلم المبلغ وتعرض ترامب لاغتيال؟ هل تستطيع دول الخليج استرجاع ما دفعته؟ حتى وإن أقر النظام الأمريكي الجديد بذلك، لن يعيدها. سيكون الجواب سجل لحق.
اليوم، ها هو ترامب يقول إنه سيفتح التفاوض الدبلوماسي مع إيران بشأن الاتفاق النووي وقد حدد زمنًا محددًا وفرصة أخيرة مائة يوم. وهناك صفقة تقدر بتريليون دولار أمريكي يطلبها ترامب من إيران. وهناك مجموعة من المستشارين مكلفين بالتفاوض مع إيران وخطة الاستهداف قادمة لا محالة. أما نحن في اليمن، تقدم دول الخليج مساعداتها عبر الأمم المتحدة، والأخيرة تقوم بأخذ 40% مقابل نفقات إدارية، ثم 20% بين الموظفين الأمميين والمحليين، ثم 20% مع التسهيلات والخدمات اللوجستية، ويبقى 20% توزع لشرائح معينة من الشعب حسب المزاج. بينما الأطراف اليمنية مثل التبيع، كل يتبع الدولة المرضعة له ويشيد بها. فيما الأم الوالدة اليمن وأبناؤها يعانون من أضرار الحرب، يتجرعون الفقر ويقتاتون الألم. وليعلم الجميع أن نبلاء الشعب اليمني لم ينهبوا ولم يدمروا ولم يمدوا أياديهم إلى موائد الإقليم ولا لأي موائد خارج الوطن ولن يقبلوا بالسلوكيات الدنيئة. هؤلاء أمل الوطن والشعب. أما من مد يده، سهل عليه لطم خده... فهل من مدكر؟
إرسال تعليق