جارٍ تحميل الأخبار العاجلة...
Responsive Advertisement

مراكز العلاج بالرقية الشرعية في اليمن بين الاستغلال الديني وغياب الرقابة

صدى الواقع - تقرير: حسين الشدادي



في ظل الأزمات المتلاحقة التي يعيشها اليمن، من حرب طاحنة إلى انهيار اقتصادي وتردي الخدمات الصحية، لجأ الكثير من اليمنيين إلى مراكز العلاج بالرقية الشرعية كملاذ أخير لعلاج أمراضهم النفسية والجسدية. 

ومع ذلك، تحولت بعض هذه المراكز إلى بؤر للاستغلال والنصب، حيث يستغل بعض المشعوذين ثقة الناس ويقدمون خدمات وهمية، مما أدى إلى تفاقم معاناة الضحايا بدلًا من تخفيفها.

 انتشار مراكز الرقية الشرعية


انتشرت مراكز العلاج بالرقية الشرعية في اليمن بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، خاصة في المدن الكبرى مثل صنعاء وعدن ومأرب. 

يعتمد الكثير من اليمنيين على هذه المراكز بسبب نقص الخدمات الطبية الحديثة وارتفاع تكلفة العلاج في المستشفيات.

 وتقدم هذه المراكز خدماتها تحت مظلة الدين، حيث يتم استخدام آيات من القرآن الكريم والأدعية النبوية لعلاج الأمراض.


 الاستغلال والنصب


مع انتشار هذه المراكز، ظهرت حالات عديدة من النصب والشعوذة.

 بعض المعالجين يدعون قدرتهم على علاج أمراض مستعصية مثل السرطان أو الأمراض النفسية عن طريق الرقية، دون أي أساس علمي. 

وتشير تقارير إعلامية إلى أن بعض المشعوذين يستغلون الضعفاء، خاصة النساء والأطفال، لدفعهم إلى دفع أموال طائلة مقابل "علاج" وهمي.

 قضية الشيخ المعالج في مأرب


إحدى الحوادث التي أثارت جدلًا واسعًا في الآونة الأخيرة هي قضية الشيخ المعالج في مأرب، الذي حرض زوجًا على طلاق زوجته ثم تزوجها هو نفسه.

 هذه الحالة تعكس أحد أشكال الاستغلال التي يمكن أن تحدث في مثل هذه المراكز. 

وفقًا لشهود عيان، قام الشيخ بإقناع الزوج بأن زوجته مصابة بـ "عين حاسدة" وأن الطلاق هو الحل الوحيد لإنقاذه من المشاكل التي يعاني منها. 

بعد الطلاق، تزوج الشيخ من المرأة، مما أثار غضبًا شعبيًا واسعًا وانتشرت القضية على مواقع التواصل الاجتماعي.


الضحايا

الضحايا في مثل هذه الحالات غالبًا ما يكونون من الفئات الأكثر ضعفًا في المجتمع، مثل النساء والأطفال والأشخاص الذين يعانون من أمراض نفسية أو اجتماعية. 

يتم استغلالهم ماليًا وعاطفيًا، مما يؤدي إلى تفاقم مشاكلهم بدلًا من حلها.

 وتشير تقارير إلى أن بعض الضحايا فقدوا أموالهم الطائلة دون أن يحصلوا على أي فائدة، بينما تعرض آخرون لصدمات نفسية عميقة بسبب الممارسات الوهمية.


 غياب الرقابة

غياب الرقابة الحكومية والدينية على هذه المراكز يعد أحد الأسباب الرئيسية لتفشي هذه الممارسات.

 في ظل انشغال الحكومة بالحرب والأزمات السياسية، لم يتم تنظيم هذه المراكز بشكل صحيح، مما سمح للمشعوذين بالعمل بحرية.

 بالإضافة إلى ذلك، يفتقر الكثير من اليمنيين إلى الوعي الكافي بمخاطر اللجوء إلى مراكز غير معتمدة.

 آراء الخبراء

يقول الدكتور أحمد علي، أستاذ علم الاجتماع في جامعة صنعاء: "هذه المراكز تعكس حالة من اليأس والإحباط التي يعيشها اليمنيون بسبب الأزمات المتلاحقة.

 الناس يبحثون عن أي أمل للعلاج، حتى لو كان وهميًا." ويضيف: "الحل يكمن في تحسين الخدمات الصحية وتوعية الناس بمخاطر هذه الممارسات."

 التوصيات

يجب توعية الناس بمخاطر اللجوء إلى مراكز غير معتمدة أو أشخاص يدعون القدرة على العلاج بالرقية دون أي أساس شرعي أو علمي.

كما يجب على الحكومة والجهات الدينية تنظيم هذه المراكز ومراقبتها للتأكد من أنها تتبع المبادئ الشرعية الصحيحة ولا تستغل الناس.

و يجب تحسين الخدمات الصحية والنفسية في اليمن لتوفير بدائل حقيقية للناس بدلًا من اللجوء إلى المشعوذين.


مراكز العلاج بالرقية الشرعية في اليمن أصبحت ظاهرة تحتاج إلى دراسة جادة وتدخل سريع من قبل الجهات المعنية. 

في ظل غياب الرقابة، يستمر استغلال الضعفاء، مما يزيد من معاناتهم بدلًا من تخفيفها.

 إن تحسين الخدمات الصحية وتوعية الناس بمخاطر هذه الممارسات يمكن أن يكون بداية الطريق لحل هذه المشكلة.


Post a Comment

أحدث أقدم