جارٍ تحميل الأخبار العاجلة...
Responsive Advertisement

أمريكا تقصر مدة علاقاتها الدولية

صدى الواقع - كتب : محمد محمد السفياني


المتابع للسياسات الأمريكية في السنوات الأخيرة سوف يرى مدى التغير الكبير في سياسة البيت الأبيض، والتي كان يضرب بثباتها المثال، وذلك لأن لديها استقرارًا سياسيًا ونظامًا ديمقراطيًا دستوريًا. وهذا لا يقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية بل وعلى الغرب، بينما كانت جمهوريات الشرق تحكم بنظام جمهوريات ثورية انقلابية. فكانت أمريكا تتباهى بديمقراطياتها وحرية شعبها.

خلال العقدين ونيف الأخيرين، غيرت أمريكا سياساتها، خاصة منذ بداية القرن الحادي والعشرين. فقد ارتكبت جرائم إبادة في العراق وأفغانستان، ثم استباحت سيادات الدول ومارست العقوبات وقتلت من تشاء قتله، وليس من استحق القتل لجرمه. استخدمت الطيران المسير لملاحقة من تشتبه به، ولم تراعي في سلوكها هذا القانون الدولي ولا القانون الإنساني ولا علاقتها مع دول حليفة لها. كل هذا جعل الناس يتحولون باتجاه العملاق الصيني الذي قدم سلعًا بأسعار مخفضة جدًا بنسبة 1:10 من أسعار سلع الغرب. صحيح أن السلعة الصينية عمرها الافتراضي أقل من عمر السلعة الأمريكية، والتي سعرها عشرة أضعاف السلعة الصينية، مما أثار غضب ساسة الاقتصاد الأمريكي من الدول التي تتحالف مع الصين، خاصة الغنية.

في العقد الأخير، أجرت الولايات المتحدة الأمريكية تغيرات في سياستها مع الدول، حيث اعتمدت علاقتها مع أي دولة أربع سنوات، وهي فترة حاكم البيت الأبيض. علينا تقييم ذلك، فمن كان صديقًا لبايدن أصبح في عهد ترامب يوضع تحت الملاحظة، إلا إسرائيل فهي حليفة لأي رئيس جمهوري أو ديمقراطي. ولهذا فإن علاقة الأمريكان بالدول غير سوية، لأن ترامب لا يستطيع أن يوقع اتفاقية مدتها أكثر من ثلاث سنوات حتى لا يأتي الرئيس الذي بعده ويوقفها، مما ولد لدى الدول أزمة ثقة بالبيت الأبيض. فكل الاتفاقيات الدولية التي وقعها بايدن في فترة حكمه السابقة ألغاها ترامب، ومعظم الاتفاقيات الدولية التي وقعها ترامب في فترة حكمه السابقة ألغاها بايدن في فترة حكمه الثانية. والآن ترامب قد ألغى وسيلغي معظم الاتفاقيات التي وقعها بايدن.

ليس هذا فقط، بل أن أمريكا أصبحت تفرض عقوبات على دول كانت علاقتها جيدة بالرئيس السلف والتي سوف تكون سيئة مع الرئيس الخلف. فمثلاً إيران والسعودية، فالأخيرة كانت علاقتها مع بايدن تنافرية، فلم يراعِ بايدن العلاقات القرنية بين البلدين الصديقين، بينما علاقة إيران مع بايدن متجاذبة جدًا، والآن العكس مع ترامب. لذا نقول لدول الخليج العربي الست: لن تسلموا من ابتزاز الدول الكبرى ما لم تعملوا على قيام الاتحاد العربي ومقره مكة. فالسعودية لديها قدرة اقتصادية وسياسية وأكبر مساحة، وفيها المقدسات الإسلامية، وتحيط بها أغنى الدول. لذا فإن أمام السعودية خيارين: إما أن تقوم بتبني هذا المشروع العربي هي ودول الخليج، أو يدعمن مصر لاستعادة مجدها في قيادة اتحاد الأمة العربية. والدولتان مؤهلتان لهذا.

تؤكد المؤشرات أن العالم سوف ينقسم أو قد انقسم إلى ثلاثة أقسام: الولايات المتحدة الأمريكية ومن معها، والاتحاد الأوروبي، ومجموعة البريكس. فما هو واجب دول الخليج العربي والجزائر ومصر في حل القضية السودانية والليبية والصومالية والسورية؟ المطلوب أولاً أن تتحد دول الخليج العربي، وبدلاً من صراعاتها في الدول العربية وتبني كل دولة دعم طرف من الأطراف المتصارعة، ثانياً تخصص 10 مليار دولار لتمويل مشروع الاتحاد العربي لإقامة أسواق عربية مشتركة بين الدول العربية حتى يتم التعامل بالمثل مع التكتلات الاقتصادية الدولية... فهل من مدكر؟

Post a Comment

أحدث أقدم