صدى الواقع - تقرير : حسين الشدادي
شهد جامع الشيخ أحمد بن علوان في تعز، أحد أبرز المعالم الدينية المرتبطة بالتصوف الإسلامي، جدلاً واسعاً في الآونة الأخيرة حول ممارسة التخزين داخله، وهو ما أثار استنكاراً رسمياً من مكتب الأوقاف والإرشاد، الذي وصف هذه الممارسات بانتهاك صريح لقدسية المسجد ومكانته.
ورغم هذا الاستنكار، فإن القضية تتطلب قراءة متأنية في سياقها التاريخي والديني، خاصة أن جامع الشيخ أحمد بن علوان كان ولا يزال رمزاً للتصوف الإسلامي ومركزاً لاستقطاب الزوار من مختلف المناطق، حيث كانت الحولية التي تُقام فيه تجمع أكابر علماء الإسلام وأولياء الله الصالحين، مما يجعل التسامح مع هذه الممارسات جزءاً من الإرث الروحي والثقافي المرتبط بالتصوف.
التصوف وأهمية الجامع
التصوف الإسلامي يركز على الروحانية والتقرب إلى الله من خلال الذكر والتأمل والاحتفاء بالموروث الروحي للأولياء الصالحين.
وجامع الشيخ أحمد بن علوان ليس مجرد مسجد للعبادة اليومية، بل هو موقع روحي يقصده الناس للاحتفاء بذكرى الشيخ وأعماله.
هذه الحوليات كانت تتميز بجو اجتماعي وروحي يجمع بين العبادة وتبادل المعرفة، مما يجعل المكان مركزاً للتواصل المجتمعي والديني.
التخزين في المساجد: قراءة شرعية
من وجهة نظر شرعية، لا يوجد نص صريح يمنع بعض العادات الاجتماعية البسيطة في المساجد إذا لم تعرقل العبادة أو تتسبب في انتهاك حقيقي لقدسية المكان.
بل إن بعض الممارسات الاجتماعية المقبولة، مثل شرب القهوة في المسجد الحرام بمكة، تعكس تسامح الإسلام مع بعض التقاليد التي تضيف إلى .روح المكان
إن القات، الذي يُعد جزءاً من التراث الاجتماعي اليمني، يتم تناوله غالباً في أجواء تجمع بين التأمل والهدوء، وهو أمر مشابه للجلوس لتناول القهوة في المجالس الدينية.
ومع ذلك، يبقى الأمر مرهوناً بعدم الإضرار بالمكان أو تحويله إلى مساحة غير مناسبة.
دعوة للتوازن
إن حماية قدسية جامع الشيخ أحمد بن علوان لا تعني منع الممارسات الاجتماعية التي طالما ارتبطت بتاريخه ومكانته.
على العكس، فإن إحياء هذا التراث يجب أن يتم ضمن إطار يوازن بين الحفاظ على مكانة الجامع كرمز ديني وبين احترام العادات التي ارتبطت به على مر العقود.
لذلك، فإن الحل يكمن في فتح حوار مجتمعي يشمل الجهات الدينية والعلماء وأفراد المجتمع للوصول إلى توافق يحفظ للجميع حقوقهم.
كما أن إصدار تعليمات توضح آداب ممارسة التخزين داخل الجامع، مع توفير أماكن محددة لذلك، يمكن أن يكون حلاً عملياً يحقق التوازن المطلوب.
جامع الشيخ أحمد بن علوان ليس مجرد مكان للعبادة، بل هو رمز للتصوف الإسلامي وجزء من الهوية الروحية للمجتمع.
إن التسامح مع بعض الممارسات الاجتماعية، كالتخزين، إذا ما تمت في إطار يحترم قدسية المكان، يمكن أن يعكس جوهر الإسلام القائم على الرحمة والاعتدال.
لذا، ندعو الجميع إلى النظر لهذه القضية بعين الإنصاف والوعي، والعمل معاً لحماية هذا الإرث الروحي العريق.
إرسال تعليق